تواصل معنا عبر النموذج أدناه:

التعليم الجامعي التقليدي كعائق رئيسي أمام خريجي كليات القانون في اليمن

يواجه التعليم القانوني في اليمن أزمة بنيوية تتمثل في استمرار النمط التقليدي القائم على التلقين النظري وضعف التدريب العملي، ما أدى إلى فجوة واضحة بين المعرفة الأكاديمية والمهارة المهنية لخريجي كليات القانون. تسعى هذه الورقة إلى تحليل مظاهر القصور في التعليم الجامعي القانوني، وبيان أثره في ضعف المخرجات القانونية، واقتراح مسارات إصلاحية لتطويره بما يتناسب مع احتياجات سوق العمل ومتطلبات العدالة.

المقدمة:

يُعد التعليم القانوني أحد أهم ركائز بناء الدولة القانونية، إذ يُفترض أن يُعد الكوادر القادرة على ممارسة المهن القانونية، والمساهمة في إرساء العدالة وسيادة القانون. إلا أن الواقع العملي في اليمن يُظهر أن أغلب خريجي كليات القانون يواجهون صعوبة في الاندماج المهني بسبب طبيعة النظام التعليمي الجامعي التقليدي الذي يركّز على الحفظ والاستظهار دون تمكين الطلاب من أدوات التحليل والتطبيق.

 

ثانيًا: مظاهر التقليدية في التعليم القانوني:-

1. جمود المناهج الدراسية:-

تعتمد المناهج القانونية في أغلب الجامعات اليمنية على مقررات قديمة، لم تخضع للمراجعة منذ سنوات طويلة، وتفتقر إلى إدماج الشروحات الحديثة للوقائع والجرائم، يقتصر التقييم على الامتحانات النظرية، دون أي تطبيق عملي أو دراسات حالة، مما يؤدي إلى قصور في الفهم التطبيقي للقواعد القانونية.

2/ غياب التدريب العملي والعيادات القانونية:-

لا تشمل الخطط الدراسية برامج تدريب إلزامية في المحاكم، أو مكاتب المحاماة، أو النيابات العامة، كما تغيب العيادات القانونية الجامعية التي تُعد إحدى أدوات التعليم التطبيقي المعترف بها في النظم الأكاديمية الحديثة. هذا القصور يجعل الخريج غير مهيأ لممارسة المهنة القانونية مباشرة بعد التخرج.

3/ ضعف الكادر الأكاديمي والبحث العلمي:-

يُلاحظ غياب الربط بين الخبرة الأكاديمية والميدانية في التعليم القانوني، إذ يُدرّس القانون غالبًا من منظور نظري . كما أن ضعف التمويل وغياب مراكز البحث القانونية يؤثر على إنتاج المعرفة القانونية التطبيقية، ويُبقي التعليم في دائرة التكرار والنقل.

4/ غياب مواكبة التطورات القانونية الدولية:-

لا تتناول المناهج القانونية قضايا حديثة مثل القانون الدولي الإنساني، مكافحة غسل الأموال، القانون السيبراني، أو التحكيم التجاري، أو الأساليب الحديثة في تطور الجريمة رغم كونها مجالات حيوية في الممارسة القانونية المعاصرة.

 

ثالثًا: النتائج المترتبة على ضعف التعليم التقليدي:-

أدى استمرار هذا النمط إلى فجوة واضحة بين خريجي كليات القانون وسوق العمل، حيث يفتقر الخريجون للمهارات اللازمة لممارسة المحاماة أو العمل في الجهات القضائية والإدارية. كما نتج عن ذلك تراجع في مستوى الأداء المهني وضعف في التحليل القانوني وصياغة المذكرات والدعاوى، فضلاً عن ارتفاع معدلات البطالة بين خريجي القانون.

 

رابعًا: مقترحات صلاحية :-

1/ تحديث المناهج القانونية وربطها بالتطورات التشريعية المعاصرة.

2/ إدماج التدريب العملي والزيارات الميدانية ضمن متطلبات التخرج.

3/ إنشاء العيادات القانونية الجامعية لتطبيق المهارات القانونية في خدمة المجتمع.

4/ تحفيز البحث العلمي القانوني ودعم نشر الدراسات في المجلات الأكاديمية.

5/ تفعيل الشراكة بين الجامعات والمؤسسات العدلية بما يضمن نقل الخبرة العملية للطلاب.

خامسًا: الخاتمة : 

إن التعليم الجامعي التقليدي في اليمن يمثل أحد أبرز العوائق أمام تأهيل خريجي القانون وتأمين انتقالهم الفعّال إلى سوق العمل القانوني.

ولكي يتحقق الدور الحقيقي لكليات القانون في بناء دولة المؤسسات، لا بد من إعادة صياغة فلسفة التعليم القانوني باتجاه التعليم التطبيقي التفاعلي، وربطه بمفاهيم العدالة الحديثة وسيادة القانون. فإصلاح التعليم القانوني هو الخطوة الأولى نحو إصلاح العدالة في اليمن.

 

 

 

المراجع

1/ شرح قانون الجرائم والعقوبات اليمني رقم (12) لسنة 1994م وتعديلاته.

2/ شرح قانون المرافعات والتنفيذ المدني رقم 40 لسنة 2002م.

3/ شرح قانون الإجراءات الجزائية اليمني رقم 13 لسنة 1994م

2/ قانون المحاماة اليمني رقم (31) لسنة 1999م.

3/ د. عصام القيسي، تحديث مناهج التعليم القانوني في الوطن العربي بين النظرية والتطبيق، مجلة القانون والاقتصاد، جامعة القاهرة، العدد (45)، 2019م.