تواصل معنا عبر النموذج أدناه:

"مفاهيم معلّبة وعناوين فضفاضة".. خبير دولي يتناول وثيقة الحكم الذاتي لـ"حلف الهضبة" ويكشف عوارها الهيكلي

في قراءة قانونية اتسمت بالانضباط الأكاديمي والدقة المفاهيمية، فنّد المستشار الدكتور هاشم بن علوي مقيبل – أستاذ القانون الدولي والمحكّم الدولي المعتمد – ما وصفه بـ"الاضطراب التأصيلي والانفصال عن المرجعية الدولية" في الوثيقة الصادرة مؤخرًا عن ما يُعرف بـ"حلف مخيم الهضبة"، تحت عنوان "وثيقة المبادئ السياسية للحكم الذاتي في حضرموت".

الوثيقة، التي أثارت حبرًا أكثر مما أثارت جدلًا، وُصفت من قبل الدكتور مقيبل بأنها "إنتاج لغوي يراوح بين الرغبة والتهويم، أكثر من كونها وثيقة قانونية قابلة للتنزيل"، مشيرًا إلى أنها حملت عنوانًا سياسيًا كبيرًا، لكنها جاءت مفككة بنيويًا، سطحية في صيغها، ومتناقضة في خطابها.

وقال مقيبل إن الوثيقة – التي يفترض بها تأصيل رؤية حضرموتية للحكم الذاتي – أغرقت نفسها في "مفردات السيادة المطلقة" دون وعي قانوني بطبيعة هذا المفهوم وحدوده في النظام الدولي، متسائلًا: "كيف تتحدث وثيقة داخل دولة قائمة وذات سيادة عن (سيادة كاملة) دون أن تحدد طبيعة الارتباط أو مسار الانتقال؟".

وتابع: "الوثيقة تنحو إلى نوع من الاستعراض الخطابي دون تحديد أدوات دستورية، أو التزام واضح بمبادئ الدولة، أو حتى تلميح إلى احترام الإطار الوطني الجامع"، مضيفًا أن هذا الطرح "لا يؤسس لحكم ذاتي بقدر ما يعكس ارتباكًا في فهم القانون الدولي، وخلطًا بين تقرير المصير الداخلي والانفصال المقنّع".

وأكد أن الوثيقة "تفتقر إلى البنية المؤسسية وتخلو من أي تصور للعلاقة مع الدولة أو المجتمع الدولي، ولا تتضمن أي ضمانات حقوقية أو رقابية أو حتى إشارات واضحة للأقليات"، مما يجعلها "عرضة للتفسير السياسي الانفعالي لا للتنفيذ القانوني الرصين".

واعتبر الدكتور مقيبل أن ما جاء فيها من عبارات كـ"حضرموت ذات السيادة الكاملة"، هو "مفخخة قانونيًا، وعبارة دعائية تفوق حدود الانضباط الدستوري"، وتكشف عن "فقر في الصياغة، وعدم دراية بخطورة المفردة في سياق القانون الدولي العام".

وفي ختام تحليله، أشار الخبير الدولي إلى أن الوثيقة أقرب لأن تكون "بيان رغبة ممهورًا بتوقيعات حماسية، لا مشروعًا سياسيًا متماسكًا يُبنى عليه نموذج إدارة ذاتية أو تفاوضي"، مشددًا على أن "تسويق هذه الصياغات كوثائق حكم ذاتي دون مرجعية دستورية ولا شرعية تفاوضية، لا يعكس طموح حضرموت، بل يُصغّره في عيون القانون".