تواصل معنا عبر النموذج أدناه:

قرار العبر يضع دعاة الحكم الذاتي في مواجهة أنفسهم

أظهرت الأحداث أن ما يُسمّى بدعاة الحكم الذاتي لا يحملون مشروعًا جامعًا لحضرموت، بقدر ما تسوقهم مصالح أولية لا يمكن الاستهانة بها، مصالح تتكشف حقيقتهم عند كل اهتزاز لكرسي أو تبدّل لمنصب، حيث أعاد قرار محافظ حضرموت الأخير بتغيير مدير مديرية العبر هذا الواقع إلى الواجهة، حين تحوّلت تلك الجماعات إلى جبهة اعتراض متشنّج، لمجرد أن القرار طال شخصية محسوبة عليها، لتتعرّى ازدواجيتهم بين شعارات كبرى يرفعونها وخطوات صغيرة تكشف ضيق أفقهم السياسي.

وبحسب مراقبون فإن ردود الأفعال التي تهاطلت عقب القرار، وفي مقدمتها بيان ما يُعرف بـ"مخيّم الهضبة"، لم تكن سوى شاهد حي على نزعة انتقائية تحكم مواقف تلك الجماعات القبلية، حيث تُقدَّم المصالح الخاصة على حساب المصالح العامة، فقد سعى الحلف إلى تصوير تغيير إداري بحت وكأنه اعتداء شامل على حقوق المحافظة، في محاولة لاحتكار الحديث باسم حضرموت، وتحويل المناصب الإدارية إلى خطوط تماس شخصية لا تُمسّ، لا إلى مواقع خدمة عامة كما يُفترض أن تكون.

والمفارقة أن دعاة ما يسمّى بـ"الحكم الذاتي" يتغنّون ليل نهار بأن حضرموت للكل، غير أن قرارًا إداريًا اعتياديًا سرعان ما فضح حقيقة مشروعهم، وأظهر أنه لا يعدو كونه أداة لاحتكار التمثيل وتثبيت زعامات قبلية ضيقة تحت لافتة "الشراكة"، حيث يرى متابعون أن هذه المواقف لا تمت إلى مشروع حكم ذاتي جامع بصلة، بل تكشف نزعة مصلحية تُقزّم قضايا حضرموت في حدود الكرسي والمنصب.

وفي المقابل، اتخذت السلطة المحلية قرار التغيير انطلاقًا من قناعة سياسية بأن تدوير المواقع القيادية ضرورة استراتيجية تمليها حاجة أبناء المديرية إلى دماء جديدة، وأن إدارة الشأن العام لا يمكن أن تُختزل في أشخاص أو أسماء، بل في مؤسسات فاعلة قادرة على خدمة المجتمع بعيدًا عن الحسابات الضيقة.