تواصل معنا عبر النموذج أدناه:

ظروف اقتصادية متهاوية في اليمن وبداية عام يلوّح بالأسوى

  • 6 يناير، 2024
  • الاقتصاد
  • منصة حضرموت للصحافة | متابعات

 

شهد اليمن منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2014 تدهورًا اقتصاديًا حادًا، حيث تراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 50%، وبلغت معدلات الفقر 90%، وارتفاع معدلات البطالة، وأنهى عام 2023، بخسارة وانكماش نمو الناتج المحلي، وتراجعت الموارد المالية العامة، وفقدت العملة الوطنية 28% من قيمتها بالإضافة إلى ما تم فقده قي السنوات الماضية، وارتفعت أسعار المواد الغذائية والوقود، وتوسعت دائرة ركود الأنشطة الاقتصادية والطلب على الاقتصاد في صنعاء وهاجرت الشركات.

 

وتفاقم الوضع الاقتصادي في اليمن بعد إيقاف الحكومة المعترف بها دوليًا تصدير النفط في أكتوبر 2022، إذ تؤكد البيانات الحكومية أن المالية العامة خسرت 1.5 مليار دولار دخل كان محققاً من قطاع النفط للعام المالي 2023، لولا توقف صادرات النفط بفعل حظر الجماعات الحوثية، لموانئ التصدير بمحافظتي شبوة وحضرموت حيث كان النفط يمثل 70% من إيرادات الحكومة.

 

تحديات جديدة تطفو

يواجه اليمن تحديات اقتصادية كبيرة، حيث يعاني من تدهور اقتصادي حاد، وتفاقم الوضع الاقتصادي بعد إيقاف تصدير النفط، ويحتاج اليمن إلى جهود دولية لمساعدة الشعب اليمني على تجاوز هذه التحديات، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي.

 

ويذكر محللون اقتصاديون أن الاقتصاد منحذر بشدة نحو الأسوى ما لم يكن هناك وقف فوري للحرب القائمة لتحقيق النمو الاقتصادي، ومكافحة الفساد خطوة مهمة لتحسين إدارة الموارد المالية، وتعزيز النمو الاقتصادي، ولكن تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة للشعب اليمن ضرورة ملحة، لتخفيف معاناته المواكنين من الجوع والفقر والمرض.

 

نمو يردفه تراجع اقتصادي

ذكر البنك الدولي في أحدث تقييم له أن الاقتصاد اليمني أظهر مؤشرات على التعافي في عام 2022، وأن البلاد تواجه تحديات مستمرة، وأن الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة لمدة 6 أشهر من أبريل إلى أكتوبر لم تحقق حلاً سياسيًا دائمًا.

 

وتشير التقديرات التي وردت بالتقرير إلى أن النمو الحقيقي بلغ 1.5% في عام 2022، بعد فترة من الركود الاقتصادي المستمر لمدة عامين. وكانت القطاعات الاقتصادية غير النفطية هي القوة الدافعة وراء هذا التحسن، في حين واجه القطاع النفطي انكماشًا كبيرًا، وذلك بسبب الحصار الذي فرضه الحوثيون على صادرات النفط، وأدى إلى خفض متوسط الإنتاج اليومي من الهيدروكربونات من 61600 برميل في عام 2021 إلى 51400 برميل في عام 2022. تعزز التحسن في القطاعات الاقتصادية غير النفطية من خلال زيادة في الإنفاق الاستهلاكي من قبل الأسر والحكومة، الذي ساهم بنسبة 1.1 نقطة مئوية و1.3 نقطة مئوية على التوالي في نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي الكلي.

 

وقد شهد عام 2023 تحديات عديدة بالنسبة للاقتصاد اليمني، حيث أدى انتهاء الهدنة التي رعتها الأمم المتحدة إلى سلسلة من التطورات الاقتصادية الضارة. ومن المتوقع أن يعيد هذا التسلسل في الأحداث الاقتصاد إلى طور الركود. وكان للحصار الذي فرضه الحوثيون تأثير كبير على إنتاج النفط وصادراته. بالإضافة إلى ذلك، أدت الخطوة الإستراتيجية لاستيراد غاز البوتان المنزلي إلى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون إلى تقليل الطلب على الغاز المستخرج من المناطق التي لا يسيطرون عليها. وتسببت بعض التحديات مثل تقلبات أسعار العملة، وارتفاع التضخم، واشتداد الاضطرابات الاجتماعية في تراجع أداء القطاعات الاقتصادية غير النفطية، وخاصة القطاع الخاص. وعلى إثر ذلك، تشير التوقعات إلى أن إجمالي الناتج المحلي لليمن سينكمش بنسبة 0.5% في عام 2023، مما يشكل تناقضًا حادًا مع معدل النمو البالغ 1.5% الذي شهده العام السابق.

 

انخفاض الواردات وإعادة التوجيه من عدن إلى موانئ الحوثي

واجه الاقتصاد تحدياً آخر بسبب انخفاض الواردات وإعادة توجيه الواردات من عدن إلى الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون، والتي أعيد فتحها في إطار الهدنة التي رعتها الأمم المتحدة. وأظهرت البيانات المقدمة من مشروع التقييم انخفاضًا كبيرًا بلغ 61% في الواردات عبر ميناء عدن في الفترة من يناير إلى أغسطس 2023، في حين شهد ميناء الحديدة انخفاضًا أقل بكثير بنسبة 8%. وقد أثر هذا التحول بشكل كبير على مساهمة ميناء عدن في إجمالي واردات اليمن.

 

زادت الضغوط على المالية العامة في المحافظات المحررة، ويعود السبب الرئيسي لذلك إلى ركود صادرات النفط. حيث يشير التراجع الواضح في إيرادات الحكومة في النصف الأول من عام 2023 إلى احتمال حدوث انخفاض بنسبة 40% خلال العام. هذا التراجع المتزايد، الناجم في معظمه عن الحصار النفطي، نظرًا لانخفاض الإيرادات الجمركية بسبب تحول الواردات عن ميناء عدن. وفي مواجهة تراجع الإيرادات ورغبة منها في حماية المالية العامة، قامت الحكومة بتخفيضات كبيرة في أوجه الإنفاق. غير أن هذه التدابير قد تفرض مزيدًا من التحديات أمام الحفاظ على الخدمات العامة الأساسية وتعزيز النمو الاقتصادي على المدى الطويل. وعلى الرغم من هذه الجهود، من المتوقع أن يظل عجز المالية العامة عند حوالي 2.9% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2023.

 

أجبرت هذه الصعوبات المالية الحكومة إلى الاستفادة من تسهيلات السحب الطارئة في البنك المركزي اليمني في عدن، مما أدى إلى زيادة بنسبة 10% في المطالبات على الحكومة في النصف الأول من عام 2023، وزيادة بنسبة 5% في الكتلة النقدية المتداولة. ورغم تراجع معدل التضخم العام في أعقاب انخفاض الأسعار العالمية للسلع الأولية، لكنه شهد تباينًا كبيرًا فيما بين مناطق اليمن، حيث شهدت صنعاء انخفاضًا أكثر وضوحًا في تضخم أسعار المستهلكين، بينما ظلت الأسعار في عدن مرتفعة بسبب انخفاض قيمة العملة.

 

2024 عام عدم اليقين الاقتصادي

وبالنظر إلى المستقبل، فإن عام 2024 يحمل معه الكثير من عدم اليقين بشأن المشهد الاقتصادي اليمني بسبب القيود المفروضة على صادرات النفط والمفاوضات السياسية الجارية. يعتمد استقرار الوضع الاقتصادي على استدامة تدفقات العملة الأجنبية والتطورات السياسية. ويمكن تسريع وتيرة النمو الاقتصادي إذا كانت هناك هدنة دائمة أو تم التوصل إلى اتفاقٍ للسلام. باستخدام بيانات حديثة تعتمد على انبعاثات الأضواء الليلية لتقييم النشاط الاقتصادي خلال الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة في عام 2022، يكشف تقرير البنك الدولي أن النشاط الاقتصادي ارتفع بشكل حاد خلال وقف إطلاق النار المؤقت. وفي سياق تحقيق الرخاء المستدام في اليمن، يعد التوصل إلى تسوية سلمية وعادلة تعالج العوائق الاقتصادية والمظالم المرتبطة بالصراع والقضايا الهيكلية أمرًا بالغ الأهمية من أجل تحقيق التعافي في اليمن.