تواصل معنا عبر النموذج أدناه:

تقرير | اللقطاء في حضرموت.. رعاية تبدأ من لحظة العثور وتنتهي ببيئة أسرية آمنة

تمثل قضية اللقطاء، أو ما يُعرف بالأطفال مجهولي النسب، إحدى القضايا الإنسانية الحساسة التي تتعامل معها إدارة المرأة والطفل بمكتب وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بساحل حضرموت، ضمن مسؤولياتها في حماية الفئات الأشد هشاشة في المجتمع.

فمنذ لحظة العثور على الطفل وحتى تسليمه لأسرة بديلة، تمر العملية بسلسلة من الإجراءات القانونية والإدارية والإنسانية الدقيقة، تهدف إلى ضمان حق الطفل في الرعاية والحماية والهوية، بعيدًا عن أي وصم أو تمييز اجتماعي.

وتوضح بيانات إدارة المرأة والطفل أنه خلال السنوات الثلاث الماضية تم تسجيل 47 حالة لقطاء في ساحل حضرموت، بينما بلغ عدد الأسر المسجلة والراغبة في الاحتضان 65 أسرة، وهو ما يعكس وجود وعي مجتمعي متزايد بأهمية دمج هؤلاء الأطفال في بيئة أسرية مستقرة.

تبدأ الإجراءات عادةً بعد تلقي بلاغ رسمي من الجهات الأمنية أو الصحية أو من المواطنين عبر عقال الحارات، ليتم نقل الطفل إلى المستشفى لإجراء الفحوصات الطبية اللازمة، ثم توثيق بيانات الحالة وإيداعها في السجلات الرسمية بالتنسيق مع الجهات المختصة، بعد ذلك يُنقل الطفل لرعاية مؤقتة تحت إشراف مكتب الشؤون الاجتماعية، بانتظار استكمال دراسة الأسر الراغبة في الاحتضان.

وتقوم الإدارة، وفق الإجراءات المعتمدة، بدراسة وضع كل أسرة تتقدم بطلب احتضان من حيث الاستقرار الاجتماعي والقدرة الاقتصادية والحالة النفسية، إلى جانب التأكد من خلو الأسرة من الموانع القانونية أو الصحية، وبعد اعتماد الأسرة رسميًا، يتم تسليم الطفل إليها وفق محضر رسمي، مع إصدار شهادة ميلاد له بالتنسيق مع مصلحة الأحوال المدنية، بما يحفظ له حق الهوية القانونية.

وفي تصريح خاص لـ منصة حضرموت للصحافة، قالت مديرة إدارة المرأة والطفل بمكتب وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بساحل حضرموت، الأستاذة فاطمة الشعيبي: “نتعامل مع حالات اللقطاء بإجراءات دقيقة ومحددة قانونًا، تبدأ من لحظة البلاغ وحتى المتابعة بعد تسليم الطفل، لضمان أن يعيش في بيئة أسرية آمنة ومستقرة.”

وأضافت أن الإدارة تواصل المتابعة الميدانية بعد عملية الاحتضان عبر زيارات دورية وتقارير اجتماعية لمراقبة حالة الطفل والتأكد من حسن الرعاية، مشيرة إلى أن هناك تعاونًا دائمًا بين الإدارة والجهات الأمنية والصحية ومنظمات المجتمع المدني لضمان أفضل رعاية ممكنة لهذه الفئة.

وأشارت الشعيبي، إلى وجود تحديات تعيق عمل الإدارة، أبرزها ضعف الموارد المالية وغياب البرامج المخصصة لرعاية اللقطاء، إضافة إلى أن دار الطفولة الآمنة مغلقة وتحتاج إلى ترميم وكادر متكامل.. وقالت إن عدم توفر أسر بديلة أحيانًا يخلق مشكلة حقيقية، موضحة: “عندما لا نجد أسرة تحتضن الطفل، نواجه صعوبة في إيجاد مكان آمن ومناسب لإقامته".

تبقى قضية اللقطاء مسؤولية مجتمعية وإنسانية مشتركة، تتطلب وعيًا أكبر ودورًا تكامليًا بين مؤسسات الدولة والمجتمع والأفراد، لضمان ألا يُترك أي طفل بلا هوية أو رعاية، فالوقاية تبدأ من نشر الوعي الأسري وتحصين القيم المجتمعية، والرعاية تستمر بتوفير بيئة آمنة تحمي الطفل من الضياع والتهميش، وإن بناء مجتمع لا يُوجد فيه طفل لقيط، هو غاية لا تتحقق إلا بتضافر الجهود، واحترام الحق الإنساني لكل طفل في أن يُولد ويعيش بكرامة داخل أسرة تمنحه الأمان والانتماء.