تواصل معنا عبر النموذج أدناه:

تقرير | في بلاد أول من روض الصقور.. حدث ثقافي يعيد حضرموت لخارطة سباقات الصقور في العالم

تحت سماء حضرموت، حيث كانت أولى محاولات تدجين الصقور في تاريخ الجزيرة العربية، عاد هذا الموروث الأصيل بعد غياب لعقود ليكتب فصلاً جديداً في سجلاته باحتضان محافظة حضرموت لاحتفالية "الحارث 2025" بمناسبة اليوم العالمي للصقور.

احتفالية كبرى نظمتها الجمعية اليمنية لرياضات وسباقات الصقور تحت شعار "من جذور الحارث الحضرمية إلى قمم الجزيرة العربية"، وسط حضور رسمي وقبلي واسع، ومشاركة واسعة من دول خليجية.

جاءت التسمية "الحارث" تيمناً بالحارث بن معاوية الكندي، أول من روض الصقور في الجزيرة العربية، في رسالة تؤكد الأسبقية التاريخية لحضرموت في هذا المجال.

وشكل الحفل منصة لإطلاق المزاد الوطني الأول للصقور المطروحة في اليمن، وهو الأول من نوعه الذي يهدف إلى تنظيم عمليات طرح وبيع الصقور بصورة مؤسسية ومسؤولة، مما يمثل نقلة نوعية في تنظيم هذه الرياضة التراثية.

جمعية وطنية برؤية مستقبلية

الجمعية اليمنية لرياضات وسباقات الصقور التي تأسست في 28 ديسمبر 2023 في مدينة القطن، وحصلت على ترخيصها الرسمي من مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل بحضرموت، تمكنت خلال عامين فقط من وضع لبنات متينة لإحياء هذا التراث.

وتنطلق الجمعية من رؤية واضحة تهدف إلى ترسيخ حضور حضرموت واليمن في ساحة الصقارة العربية والدولية من خلال عمل مؤسسي يحفظ التراث ويطوره للأجيال القادمة.

وتعمل الجمعية ضمن خطة طموحة للسنوات الخمس القادمة تشمل إنشاء مركز وطني لتدريب الصقارين في حضرموت، وإطلاق برنامج "أجيال الحارث" لتأهيل الناشئة، وإدراج الصقارة الحضرمية رسمياً ضمن المناهج الوطنية.

اعتراف دولي وأبعاد إقليمية

تمكنت الجمعية من حصد عضويتين دوليتين مرموقتين في عام 2024، الأولى في الاتحاد الدولي لرياضات وسباقات الصقور (IFFSR) في أغسطس، والثانية في الاتحاد العالمي للصقارة والمحافظة على الطيور الجارحة (IAF) في نوفمبر، مما يمثل اعترافاً دولياً بمكانة حضرموت في هذا المجال.

وجسد اختيار شخصية العام 2025 لتكون الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود "صقر الجزيرة"، البعد العربي العميق للفعالية، تقديراً لإسهاماته التاريخية في صون إرث الصقارة وترسيخ قيمها في الجزيرة العربية.

وفي كلمة السلطة المحلية، نقل الوكيل حسن الجيلاني تحيات محافظ حضرموت مبخوت بن ماضي، مشيداً بالجهود المتميزة التي تبذلها الجمعية في الحفاظ على هذا الموروث العربي الأصيل وتعزيز حضوره بين الأجيال المعاصرة.

وأشاد الجيلاني بالدور الريادي لمؤسس الجمعية الدكتور علي سالمين بادعام الهميمي، صاحب المبادرة والرؤية التي أسست لهذه النهضة التراثية، عبر بناء إطار مؤسسي مهني أسهم في حفظ الهوية التاريخية للصقارة.

من جانبه، أكد الدكتور الهميمي أن "الحارث 2025" يشكل محطة مفصلية في تنظيم وإحياء موروث الصقارة في حضرموت واليمن، مشيراً إلى توجه الجمعية نحو ترسيخ العمل المؤسسي لضمان نقل هذا الإرث إلى الأجيال القادمة.

مستقبل واعد واستعدادات قادمة

كشف الحفل عن استعدادات الجمعية للمشاركة في كأس الاتحاد الدولي لرياضات وسباقات الصقور لعام 2026، وإصدار العدد الثاني من المجلة السنوية الخاصة بالجمعية.

وأعلن رئيس الجمعية في ختام الحفل عن اختيار محافظة شبوة لاحتضان شخصية العام 2026: الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "صقار العرب"، في إشارة واضحة لاستمرارية هذا المشروع الثقافي الطموح وامتداده الجغرافي.

تأثير ثقافي واقتصادي

يرى مراقبون أن عودة الصقارة إلى حضرموت كهوية تراثية وثقافية تحتاج إلى توظيف هذا التراث في تعزيز السياحة التراثية والهوية الوطنية، والاستفادة من البعد الدولي الذي حققته الجمعية بعضويتها في الاتحادات العالمية.

ويؤكد مختصون أن نجاح الجمعية في تنظيم هذا الحدث الكبير، وإطلاق أول مزاد وطني للصقور، يمثلان مؤشراً قوياً على إمكانية إعادة حضرموت إلى خارطة سباقات الصقور العالمية، لاسيما مع الامتداد التاريخي للمحافظة في هذا المجال والاهتمام الرسمي والدولي الذي حظيت به الفعالية.

وتبقى التحدي الأكبر في الحفاظ على زخم هذا الإنجاز وتطويره مستقبلاً، وتحويله إلى جزء من الهوية الثقافية والاقتصادية لحضرموت، التي تستعيد تدريجياً مكانتها التاريخية في خريطة التراث العربي والعالمي.