تواصل معنا عبر النموذج أدناه:

"الريال اليمني على حافة الانهيار..الهجوم الحوثي وأزمة موارد تهدّد الاقتصاد"

  • 8 فبراير، 2025
  • الاقتصاد
  • منصة حضرموت للصحافة |تقرير: صالح بازياد

تعيش معظم المحافظات اليمنية المحررة واقعًا اقتصاديًا صعبًا بسبب التدهور الحاد في العملة المحلية، مما يعكس تأثيرات القصف الحوثي المستمر على المنشآت الاقتصادية الحيوية، حيث يُعتبر انهيار الريال اليمني في هذه المحافظات أحد أبرز مظاهر الأزمة الاقتصادية التي تهدد استقرار حياة المواطنين. 

 

انهيار العملة وأثرها على الإقتصاد

شهدت العملة اليمنية انهيارًا حادًا في مختلف المحافظات المحررة، حيث تفاقم الوضع الاقتصادي بشكل ملحوظ منذ استهداف ميناء الضبة النفطي، ففي أكتوبر 2022، تعرض الميناء للقصف من قبل ميليشيا الحوثي بالطائرات المسيرة، مما أدى إلى تعطيل عمليات تصدير النفط التي كانت تشكل 70% من موارد الدولة، حيث كانت إيرادات النفط من هذا الميناء تُسهم بشكل رئيسي في توفير السيولة النقدية التي تعتمد عليها الحكومة اليمنية في تمويل مشروعاتها الحكومية ودعم الاقتصاد الوطني.

تسبب هذا القصف في تراجع إيرادات الدولة بشكل كبير، مما أدى إلى تفاقم أزمة العملة المحلية في الوقت الذي كانت فيه الحكومة بحاجة إلى هذه الإيرادات لتلبية احتياجات المواطنين من السلع الأساسية، حيث أدى تعطل صادرات النفط إلى فقدان الموارد الحيوية، مما أسهم في زيادة التضخم وارتفاع أسعار السلع بشكل غير مسبوق في الأسواق المحلية، وأرتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود، مما جعل الحياة اليومية للمواطنين في المحافظات المحررة أكثر صعوبة.


قبل الهجوم الحوثي على ميناء الضبة، كانت العملة اليمنية تحافظ على مستوى معين من الاستقرار النسبي، حيث كان سعر الصرف للريال السعودي مقابل الريال اليمني في حالة شراء 321 ريال وبيع 323 ريال، بينما كان الدولار الأمريكي مقابل الريال اليمني عند شراء 1223 ريال وبيع 1232 ريال، ولكن بعد الهجوم وتدهور الوضع الاقتصادي، شهدت العملة اليمنية انخفاضًا كبيرًا في قيمتها، حيث وصل سعر الصرف للريال السعودي مقابل الريال اليمني في فبراير 2025 إلى596 شراء ريال وبيع598 ريال، بينما الدولار الأمريكي بلغ 2275 ريال للشراء و 2285 ريال للبيع، مما يعكس تأثير الأزمات المستمرة على استقرار العملة المحلية.

البنك المركزي في قفص الاتهام

من أبرز أسباب انهيار العملة في المحافظات المحررة هو ضعف البنك المركزي اليمني، الذي فشل في أداء دوره الفاعل في مواجهة التدهور الاقتصادي، لم يقم البنك المركزي بتحديد سعر الصرف بشكل فعّال، مما دفع بالريال اليمني إلى التراجع أمام العملات الأجنبية بشكل غير مسبوق، ومع فشل البنك المركزي في توفير النقد الأجنبي لتمويل عمليات الاستيراد، تعرضت الأسواق المحلية إلى شح في السلع الأساسية، مما جعل الأسعار ترتفع بشكل غير متوقع.

وقد زادت هذه الأزمة بسبب انقسام البنك المركزي إلى عدة إدارات، مما أدى إلى غياب التنسيق اللازم بين تلك الإدارات،.. وهذا الضعف المؤسسي جعل السياسة النقدية غير فعّالة، حيث تم ترك تحديد سعر الصرف للقطاعات الخاصة في ظل هذه الفوضى الاقتصادية، أصبح من الصعب على الحكومة ضمان استقرار العملة اليمنية وحماية القدرة الشرائية للمواطنين.


الاقتصاد على حافة الانهيار: ماذا بعد؟

تواصل ميليشيا الحوثي استهداف المنشآت الاقتصادية الحيوية في المحافظات المحررة، مما يزيد من تعقيد الوضع الاقتصادي، حيث كان إستهداف ميناء الضبة النفطي أحد أبرز هذه الهجمات التي أدت إلى فقدان 70% من موارد الدولة، حيث جاء هذا الهجوم في وقت حساس كانت البلاد في حاجة ماسة إلى هذه الإيرادات لمواجهة الأزمات المالية والاقتصادية المتزايدة.

وتسببت الهجمات الحوثية في تعطيل مشاريع التنمية الحيوية في مختلف المحافظات، مما أسهم في تراجع الاستثمارات وارتفاع معدلات البطالة... فضلاً عن ذلك، فإن الهجمات على المنشآت النفطية والموانئ تسببت في تدهور الثقة في الاقتصاد المحلي وأدت إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج والنقل، مما زاد من معاناة المواطنين.

 

التضخم وتآكل القدرة الشرائية

الأزمة الاقتصادية في المحافظات المحررة تتفاقم نتيجة لعدة عوامل، أبرزها تدهور العملة المحلية وتفاقم الصراعات السياسية، ومع استمرار ضعف البنك المركزي، وتأثر القطاعات الاقتصادية الحيوية مثل النفط والكهرباء والنقل، أصبحت الحياة اليومية للمواطنين أكثر صعوبة، ومع إرتفاع أسعار السلع الأساسية بشكل غير مسبوق أصبحت الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها.

في هذا السياق، يواجه القطاع الصحي والتعليم تحديات كبيرة، حيث تزايدت تكاليف الخدمات الأساسية بسبب انهيار العملة، كما أن انقطاع التيار الكهربائي بشكل متكرر أثر على عمل المصانع والأعمال التجارية، مما أضاف أعباء مالية إضافية على المواطنين.

ضرورة التنسيق السياسي والإقتصادي

لا تزال السلطات المحلية في المحافظات المحررة تعمل على إيجاد حلول للتخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية، إلا أن الصراعات السياسية المستمرة وعدم وجود تنسيق فعّال بين الأطراف المختلفة يجعل من الصعب تحقيق الاستقرار الاقتصادي، كما إن تحسين إدارة الموارد النفطية وتطوير سياسة نقدية فعّالة يتطلب توحيد الجهود بين الحكومة والجهات الدولية.

في ظل هذا الوضع الصعب، يظل الأمل قائمًا في أن يتم التوصل إلى تسوية سياسية شاملة تؤدي إلى استعادة الاستقرار المالي والاقتصادي، مما يساعد في تحسين الظروف المعيشية للمواطنين ويعزز من فرص التنمية في المحافظات المحررة.