تواصل معنا عبر النموذج أدناه:

قوات النخبة تنقل حضرموت من فرض القيود إلى الأمن والتنمية والاستثمار

لم تكن معركة عملية تحرير ساحل حضرموت مجرّد عملية عسكرية عادية، إذ كانت المهمة تتطلب استعدادًا وتدريبًا مسبقًا ودعمًا سخيًا، وقوة بشرية لا تهاب المواجهة ومزودة بأحدث الأسلحة والوسائل الهجومية والدفاعية، حتى يتسنى لهذه القوة التخلص من قوى الشر والإرهاب "تنظيم القاعدة" التي جثمت على صدر مدينة المكلا وساحل حضرموت لمدة عام كامل، وفرضت القيود على المسالمين، ونهبت الثروات والخيرات، وسيطرت على أبرز الموارد وسخرتها لتقوية ودعم أفرادها من تنظيم القاعدة.

 

قيادة الدولة آنذاك وقيادة التحالف العربي لم يحلوا لهم تواجد عناصر القاعدة في ساحل حضرموت، وفرض السيطرة بقوة السلاح، إذ أن عملية التشاور لدحر تلك العصابات المتطرفة بات أمرًا واجبًا على قيادة الدولة ودول التحالف العربي، وعلى ضوء المشاورات تم الاتفاق على تشكيل قوات النخبة الحضرمية التي تتكون من القيادات العسكرية والأمنية بحضرموت بقيادة اللواء الركن فرج سالمين البحسني، وبدعم وإسناد من قوات التحالف العربي - وخصوصًا دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة - التي قدمت الدعم بكافة أشكاله لإنجاح هذه المعركة المصيرية، وبمشاركة أبناء حضرموت الأبطال الذين انضموا مباشرة عقب فتح باب التسجيل لتأسيس هذه القوات التي ستكون مهمتها الرئيسية تحرير ساحل حضرموت وفرض الأمن والاستقرار في ربوع المحافظة.

 

  • تشكيل قوات النخبة الحضرمية -

 

كان لدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة الدور الأكبر والأبرز في تشكيل قوات النخبة الحضرمية، إذ ساهمت بعد أن تم الإعلان عن فتح باب التسجيل للراغبين في الالتحاق بالسلك العسكري وفق الشروط والضوابط المحددة، بتشكيل قوة عسكرية مزودة بأحدث الأسلحة والمعدات اللازمة، ومدربة على أيدي خبراء في السلك العسكري من القيادات الوطنية والإماراتية في مناطق صحراء حضرموت "رماه وثمود" والهضبة في وادي نحب.

 

تم تدريب القوة ورفع جاهزيتها إلى أعلى المستويات، وفق أسس عسكرية علمية، وتدريب مكثّف يركز على التدريب القتالي والنفسي لمواجهة التنظيمات الإرهابية، وبعد التأكد من جاهزية القوة تم إجراء لها عدة اختبارات لقياس مستوى استعدادها، لتأتي بعد ذلك ساعة الصفر والانطلاق لعملية عسكرية نوعية يتم خلالها تطهير ساحل حضرموت من دنس الإرهاب.

 

-معركة حاسمة لقوات النخبة الحضرمية-

 

خاضت قوات النخبة الحضرمية، وبدعم من قوات التحالف العربي وخصوصًا دولة الإمارات العربية المتحدة التي قدمت دعمًا لا محدودًا وشاركت برجالها في معركة التحرير، معركة حاسمة بقيادة اللواء الركن فرج سالمين البحسني، بعد إعداد خطة عسكرية دقيقة ومحكمة مكنت قوات النخبة الحضرمية من تحرير العاصمة المكلا خلال ساعات وبعد استيلاء تلك المجاميع الارهابية المسلحة على المدينة وفرض سيطرتها على مناطق الساحل الحضرمي بتواطؤ من النظام السابق.

 

في تصريح سابق للواء الركن فرج سالمين البحسني عضو مجلس القيادة الرئاسي (محافظ حضرموت قائد المنطقة العسكرية الثانية سابقًا) قال فيه "بعد استكمال تدريب وتسليح تلك القوة تم وضع خطة عسكرية دقيقة جدًا استطاعت خلال 48 ساعة من تحرير المكلا، وخاضت معارك طاحنة في معسكر الأدواس وتحصينات الإرهابيين في منطقة العيون، وقتل أكثر من 400 من الإرهابيين وأسر 250 من جنسيات مختلفة، والاستيلاء على 80 طنا من المتفجرات والذخائر، واستشهد نحو 60 من شباب قوات النخبة الحضرمية الأبطال، وتمّت عملية التحرير بمساعدة ومساندة من سلاح الجو وطيران التحالف.

 

-حضرموت تساهم في الحرب العالمية ضد الإرهاب-

 

بعد أن بزغ فجر النصر على ساحل حضرموت في الـ24 من أبريل 2016م، وحققت العملية العسكرية نجاحًا واضحًا للمجتمعين الإقليمي والدولي، وعمّت الفرحة بين أوساط المواطنين البسطاء في مدينة المكلا وعموم مديريات ساحل حضرموت، الذين استقبلوا أبنائهم الشجعان بكل حب وفخر واعتزاز في شوارع ومداخل المدن الساحلية، فإن محافظة حضرموت تكون قد ساهمت بشكل واضح وكبير في الحرب العالمية ضد التنظيمات الإرهابية، واستطاعت هذه القوات أن تسجل بماء الذهب انتصارًا ساحقًا على تنظيم القاعدة الإرهابي.

 

-تطبيع الأوضاع وفرض الأمن والاستقرار-

 

جاءت عملية تطبيع الأوضاع في مديريات ساحل حضرموت، وفرض الأمن والاستقرار، وإعادة للجندي الحضرمي هيبته ومكانته واحترامه وتقديره، وكانت هذه المرحلة هي أصعب المراحل التي مرّت بها قوات النخبة الحضرمية، ولكن الإمارات كانت إلى جانب النخبة ولم تتخلى عنها، ولم تتردد في تقديم أي دعم لاستكمال مراحل تطبيع الأوضاع وفرض الأمن والاستقرار.

 

وبعد مرور شهرين من عملية التحرير، يعود تنظيم القاعدة لممارسة أعمال التفجير وزرع العبوات الناسفة، ليستهدف الجنود الصائمين في شهر رمضان الثابتين في النقاط العسكرية والأمنية. وتمكّنت سلسلة التفجيرات من مقتل نحو 35 جنديًا من قوات النخبة الحضرمية.. إلا أن هذه العمليات الجبانة التي شنتها التنظيمات الإرهابية لم تؤثر في عزيمة قوات النخبة الحضرمية، بل زادت قوات النخبة وقيادتها عزيمة وإصرار على اجتثاث الشر من منابعه.

 

نفذت قوات النخبة الحضرمية بدعم إماراتي عدد من العمليات العسكرية لتطهير أجزاء من الوديان التي اتخذتها التنظيمات الإرهابية مقرًا للسكن فيها، وأبرز تلك العمليات هي عملية الفيصل لتحرير وادي المسيني، وعملية الجبال السود، إذ أن العمليتين العسكريتين حققتا نجاحًا كبيرًا في دك معاقل التنظيمات الإرهابية، وتطهير المناطق والوديان من عناصر القاعدة، لتنجح قوات النخبة الحضرمية في تطبيع الأوضاع وتثبيت الأمن والاستقرار في ربوع ساحل حضرموت.

 

-نقلة نوعية للتنمية والاستثمار في حضرموت-

 

يرى المحلل السياسي طاهر بازياد أن بعد عملية تحرير مدينة المكلا وساحل حضرموت من قبضة تنظيم القاعدة في الرابع والعشرين من ابريل 2016م، شكّل فارقًا سياسيًا واضحًا في المحافظة، إذ شهدت المحافظة استقرارًا غير مسبوقًا في الجانب الأمني، وانخفاضًا في عمليات الاغتيالات وغيرها من الأعمال الإرهابية والعدائية، التي انتهكت الحقوق والحريات للمواطنين.

 

وأضاف في تصريح خاص لمنصة حضرموت للصحافة: "أن عملية التنمية في المحافظة شهدت نقلة نوعية نتيجة لحالة الأمن والاستقرار، وأن رؤوس الأموال باتت تتجه إلى مدينة المكلا عاصمة حضرموت لإقامة المشاريع الاستثمارية الكبيرة، نظرًا للتسهيلات التي تقدمها السلطة المحلية للمستثمرين، وفتح أبواب الفرص والمنافسة للمستثمرين من داخل المحافظة وخارجها".

 

-فرض هيبة الدولة وإنفاذ أحكام القانون-

 

المحامي سعيد باموسى قال في تصريح لمنصة حضرموت: "أن النخبة الحضرمية تعد أحد العوامل البارزة ذات الأهمية الكبيرة التي جعلت حضرموت في مقدمة المحافظات اليمنية استقرارًا في الجانب الأمني وكافة الجوانب المتصلة بتعزيز وفرض هيبة الدولة وإنفاذ أحكام القانون وبسط سلطات الدولة على أي مشروع يتعارض مع قيام الدولة والصالح العام"، مشيرًا إلى أنه وبتحقق هذا الأمر يستقر الوضع العام في حضرموت اجتماعيًا، الأمر الذي يعود بالنفع لكافة المقيمين فيها والزائرين إليها، وذلك من خلال حصولهم على عيش مستقر ينعم بكافة الخدمات والحقوق المقررة شرعًا وقانونًا.

 

-ثقة متبادلة بين الجندي والمواطن-

 

الصحفي أحمد باجردانة وصف قوات النخبة الحضرمية بالقوة النظامية مكونة من سبعة ألوية تابعة لقيادة المنطقة العسكرية الثانية، تم انتشارها في مديريات ساحل حضرموت عقب السيطرة عليه في الرابع والعشرين من إبريل 2016م، رفقة قوات التحالف العربي، بعد طرد عناصر تنظيم القاعدة منه التي سيطرت عليه لمدة عام في 2015م.

 

وأوضح باجردانة في تصريح لمنصة حضرموت أن قوات النخبة تشكلت من أبناء حضرموت أنفسهم بمختلف مديرياتهم لتوكل لهم مهمة حماية أرضهم، وهو ما نجحت فيه على مدار الـ (7) سنوات الماضية، فكانت يد تقاتل الإرهاب وأخرى تحمي الأهالي، الذين بدورهم شعروا بقربها منه وأنها منهم وفيهم، حيثُ لا يكاد يخلوا بيت أو عائلة إلا وتجد لهم أخ أو قريب في هذه القوات، مما زرع الثقة المتبادلة وشجع المواطن على الإبلاغ عن كل التحركات المشبوهة في منطقته.

 

ولفت إلى أن حالة الأمن والاستقرار تلك التي استمرت لسنوات في ساحل حضرموت؛ دفعت العديد من الأسر في المحافظات الأخرى خصوصاً التي تعيش في نزاعات مستمرة إلى النزوح لساحل حضرموت، وشجع رجال الأعمال وأرباب الأموال للاستثمار في مديريات الساحل.