بين وعود الشفافية وإرث الفساد.. ناشطون يشككون في صندوق تنمية حضرموت

في خطوة وُصفت بالمفاجئة، أصدر مكتب اللواء الركن فرج سالمين البحسني، عضو مجلس القيادة الرئاسي، في العاشر من مايو الجاري، توجيهاً إلى السلطة المحلية بمحافظة حضرموت بإنشاء “صندوق خاص لتنمية محافظة حضرموت”، مستنداً إلى تكليف صادر عن مدير مكتب رئاسة الجمهورية، الدكتور علي الشعيبي.
غير أن هذا التكليف، الذي جاء خارج سياق اجتماع مجلس القيادة الرئاسي ودون توافق معلن، أثار تساؤلات واسعة لدى مراقبين اعتبروا أن التعامل مع ملف بحساسية حضرموت كان يستدعي نقاشاً أوسع ضمن أطر القرار السيادي، لا توجيهاً منفرداً.
وترافق الإعلان مع حملة دعم لافتة على منصات التواصل الاجتماعي من قبل مناصري البحسني، قبل أن يتبين لاحقاً أن مشروع “صندوق التنمية” نابع أساساً من مقترح تقدّم به محافظ حضرموت الأستاذ مبخوت بن ماضي، في السادس من مايو الجاري، بهدف تخصيص عائدات بيع المنتجات النفطية المحلية (المازوت والديزل) لدعم قطاع الكهرباء والمشاريع الخدمية والتنموية.
يأتي هذا التوجه بعد ثمانية أشهر من تصعيدات أمنية وعسكرية قادها الرئيس السابق لحلف قبائل حضرموت، أسهمت في تعقيد المشهد الداخلي وتدهور الأوضاع الإنسانية والخدمية، ما يضع مشروع الصندوق أمام اختبار فعلي لمدى قدرته على تحويل الإيرادات إلى حلول ملموسة للمواطنين
انتقادات لغياب الضوابط و"شبح الفساد السابق"
رغم أن الهدف لمقترح الصندوق هو تعزيز الشفافية وحماية موارد المحافظة، إلا أن نشطاء حضارم على مواقع التواصل الاجتماعي استنكروا إصدار التوجيهات من قبل مكتب البحسني دون إعتماد لائحة تنظيمية تُحدد آليات الصرف والإدارة، محذرين من تحوُّل الصندوق إلى "أداة للمحسوبية" على حد قولهم.
الناشط على منصة الفيسبوك "عبدالجبار باجبير" أكد أن مطالب حضرموت ليست مجرد "صندوق" يُلوّح به كلما اشتد الضغط، مشيراً إلى أن على النائب اللواء البحسني، إيجاد حلول عاجلة لمعالجة الأزمات بدلاً عن طرح حلول ترقيعية لإنقاذ الحكومة.
ومن جانبه تسأل الناشط "سالم بن سميدع" في منشور ساخر، عن مصير (615 مليون دولار و450 مليار ريال يمني) التي كانت قد أُودعت في حسابات السلطة المحلية خلال فترة حكم البحسني السابقة، مؤكداً أن من حق الشعب الحضرمي ان يعرف مصير هذه المبالغ المالية، التي كان من الممكن أن تحل أزمة الكهرباء والخدمات.
وأشار الصحفي طارق باسلوم، في منشور له على منصة فيسبوك، أن تلك الحلول كانت بالإمكان أن تكون منذ فترة بعد أن قام المحافظ بن ماضي بزيارة إلى الهضبة في خطوة للم الشمل إلا أنها قوبلت بعناد من قبل مخيم الهضبة وهو مافاقم الأزمة، ليظهر اليوم من يدعون أنهم أصحاب حلول ومساعي في الأزمة في إشارة إلى "توجيهات مكتب البحسني" الذي حاول من خلاله اظهار بأنه دور المنقذ والحريص على ثروات المحافظة إلا أن تصرفاته بتلك التوجيهات تعتبر قفز وتسلّق اعتاد الحضارم عليه دوماً منذ أن كان محافظاً لحضرموت.
غياب الدور الحكومي عن إدارة الأزمة
وعبر آخرون عن استنكارهم من تغييب الحكومة المركزية عن إدارة الأزمات التي تعاني منها حضرموت لسنوات، رغم كونها واحدة من أغنى المحافظات اليمنية بمواردها النفطية، قائلين: "أن تحسين الخدمات واجب الدولة، لكنها غائبة منذ سنوات، والنتيجة أن حضرموت تُنهب مرتين: مرة من الحرب ومرة من الفساد".
وأشار الناشطون إلى أن "مهزلة الطاقة المشتراة" (شراء الكهرباء من جهات خاصة) أنهكت ميزانيات السلطة المحلية لعقود، بينما تُهدر عائدات النفط المحلية دون محاسبة.
الصندوق اختبارٌ جديد لثقة الشارع الحضرمي
يواجه قرار إنشاء صندوق تنمية حضرموت "الذي يبدو كخطوة نظرية نحو الإصلاح"، تحدياً كبيراً في إقناع أهالي المحافظة، خاصة مع تاريخ مليء بالوعود المُجهَضة، حيث ينتظر أبنا حضرموت أفعالاً تُترجم مواردها إلى تنمية حقيقية تُنهي عقوداً من المعاناة.
وفي ظل غياب الشفافية، يبقى السؤال الأهم في الشارع الحضرمي، هل ستكون هذه الخطوة بدايةً لحقبة جديدة من التنمية، أم مجرد فصل آخر من فصول إهدار المال العام؟