تواصل معنا عبر النموذج أدناه:

المخابز الخيرية بساحل حضرموت.. بصيص أمل في زمن الغلاء

تعيش مديريات ساحل حضرموت وضعًا اقتصاديًا صعبًا، انعكس بشكل واضح على أسعار المواد الغذائية الأساسية، وفي مقدمتها الرغيف والروتي، حيث شهدت المخابز الخاصة ارتفاعًا مستمرًا في الأسعار حتى وصل سعرها إلى 150 ريال يمني للواحدة، ما جعل تأمين هذه الاحتياجات اليومية عبئًا ثقيلًا على كثير من الأسر، وفي ظل هذا الواقع، برزت المخابز الخيرية كأحد الحلول المجتمعية التي تسعى للتخفيف من معاناة المواطنين، خصوصًا الفئات الأكثر احتياجًا.


دعم حكومي وتشجيع للمبادرات

في تصريح خاص لمنصة حضرموت للصحافة، أكد المدير العام لمكتب وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بساحل حضرموت الأستاذ أحمد سالم باظروس، 
أهمية هذه المشاريع المجتمعية، قائلاً:
“إن المخابز الخيرية تُعد من أبرز المشاريع الإنسانية التي تعكس الدور الفاعل لمنظمات المجتمع المدني في التخفيف من معاناة المواطنين، لا سيما في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.. واضاف، نحن في مكتب الشؤون نحرص على دعم هذه المبادرات، ونعمل على تسهيل الإجراءات اللازمة لإنشائها، كما نشجع منظمات المجتمع المدني على تبني مشاريع مستدامة تسهم في تحقيق الأمن الغذائي للفئات الأشد فقرًا واحتياجًا.

وأشار باظروس، إلى الشراكة الوطيدة بين المكتب والمجتمع المدني، ومواصلة تعزيزها وتطويرها، لضمان استمرارية هذه المشاريع، خصوصًا في ظل شُح الموارد وغياب التمويل الحكومي الكافي بسبب الحرب التي اشعلتها مليشيات الحوثي الإرهابية وتسببت في مفاقمة الأزمة في البلاد، وكذا مفاقمة المعاناة الإنسانية في حضرموت خاصة واليمن بشكل عام.

المخابز الخيرية.. بين التحديات والطموحات

وفي تصريح خاص للمنصة، أوضح الأستاذ محمد المحمدي المشرف على المخابز الخيرية، أن فكرة المخابز الخيرية انطلقت من جلسة شبابية عام 2019، نتيجة للمعاناة من غلاء المعيشة، وبدأت المبادرة بشراء الروتي من المخابز التجارية وتوزيعه مجانًا على الأسر عبر كروت، ثم تطورت لإنشاء مخابز خيرية مدعومة بدعم فاعلي خير وتجار.

وذكر، أن أولى المخابز  انطلقت في مديرية المكلا، ثم توسعت إلى مديريات أخرى مثل الشحر، غيل باوزير، الديس الشرقية، والريدة الشرقية، حتى وصل عددها اليوم إلى 18 مخبزًا بين مخابز للروتي والعيش المفرود.

وأفاد، بأن هذه المخابز تنتج ما بين 12,000 إلى 27,000 حبة روتي يوميًا، ومخابز العيش تنتج حوالي 5,000 حبة يوميًا، وتابع، بأنه وعند تشغيل جميع المخابز، يصل الإنتاج اليومي إلى 200,000 حبة، بإجمالي شهري يقدّر بـ 5,200,000 حبة روتي وعيش.

وأشار المحمدي، إلى أن بعض المخابز توقفت مؤقتًا بسبب ارتفاع أسعار الصرف، مؤكدًا أن الدعم في الكهرباء والديزل ضروري لاستمرار هذه المشاريع، وأن السلطة المحلية بحضرموت ساعدت في تسهيل الإجراءات، لكنها بحاجة إلى زيادة الدعم.. واختتم قائلاً: “نطمح إلى وجود مخبز خيري في كل حي، ورغم التحديات الكبيرة، إلا أننا واثقون أن التعاون المجتمعي سيمكننا من الاستمرار بإذن الله.

شهادات من الواقع: المواطنون يثمنون الجهود

يرى المواطنون بمدينة المكلا، في المخابز الخيرية طوق نجاة في ظل ارتفاع الأسعار، ويعبرون عن امتنانهم للجهات الداعمة والقائمين على هذه المشاريع.

يقول المواطن أحمد خميس النقيب، من سكان حي الديس بمدينة المكلا: “ان المخبز الخيري في حارتهم، ساهم بشكل كبير في توفير لهم الخبز بشكل يومي، بعد الأسعار المرتفعة في المخابز الخاصة والتي صارت غير معقولة، خاصة للناس من ذوي الدخل الثابت والمحدود.

أما المواطن محمد حسن، من منطقة ربوة خلف، تحدث لمنصة حضرموت للصحافة: أن إنشاء المخابز الخيرية ساعد الكثير من المواطنين في الحصول على قوت يومهم.. مشيرًا إلى أن الروتي والرغيف من الوجبات الرئيسية لدى كثير من الأسر بمديريات ساحل حضرموت خاصة للفطور والعشاء.

تُعد المخابز الخيرية في مديريات ساحل حضرموت نموذجًا ناجحًا للتكافل الاجتماعي والعمل الإنساني، لكنها بحاجة إلى مزيد من الدعم والتخطيط لضمان استمراريتها وتوسيع نطاقها، ويأمل المواطنون أن تحظى هذه المبادرات برعاية رسمية ومجتمعية أكبر، وأنه بات من الضروري أن يتم تبني سياسات وطنية تدعم الأمن الغذائي بشكل مستدام، بما يضمن للجميع حقهم في الحصول على الغذاء الأساسي.