تواصل معنا عبر النموذج أدناه:

فضيحة فساد وقود الكهرباء تشعل حضرموت.. غضب شعبي ومطالبات بمحاكمة الفاسدين

وسط انقطاعات متكررة للكهرباء، ومعاناة يومية للمواطنين، تفجّرت فضيحة فساد مدوية في محافظة حضرموت، هزّت أركان ما يُعرف بحلف قبائل الهضبة، وأشعلت غضب الشارع الحضرمي، بعد تسريب وثائق رسمية تكشف تورط اللجنة الإشرافية التابعة لحلف قبائل الهضبة، في عمليات تلاعب وتهريب وقود الديزل المخصص للمرافق الحكومية، بالتنسيق مع أطراف داخل حكومية.

ويأتي هذا الغضب بعد إعلان رئيس الحلف السابق، الشيخ عمرو بن حبريش، إنهاء عمل لجنة الرقابة على وقود الديزل، وهي اللجنة التي أُوكل إليها مهمة الرقابة على كميات الوقود الموجهة لمحطات الكهرباء، قبل أن تتهم علنًا بتجاوزات كبيرة.

جاء قرار إيقاف اللجنة في وقت حساس، مع تصاعد الأصوات المنتقدة لتصرفات الحلف، خاصة في ما يتعلق بتوزيع وقود الكهرباء المنتج من بترومسيلة، القرار اعتبره مراقبون محاولة من قيادة الحلف لتخفيف الضغط الشعبي وإعادة ترميم صورته أمام الرأي العام.

 

ناشطون يطالبون بكشف “خلية الفساد”

الناشط مهدي العكبري كان من أوائل من نددوا بهذه التطورات، وطالب عبر منشور على صفحته الرسمية في فيسبوك بكشف تفاصيل ما أسماه بـ”خلية الفساد”، مؤكدًا أنها تضم عناصر من داخل الحلف والحكومة.

وقال العكبري: “رئيس حلف قبائل حضرموت قام بإنهاء عمل لجنة كانت تتابع هذا الملف.. هذا القرار يثير كثيراً من علامات الاستفهام”.

وفي سياق متصل، كشف الإعلامي أنور التميمي عن انفلات خطير داخل مجاميع الحلف المسلحة، قائلاً: "بعض المجاميع خرجت عن السيطرة، وقامت باحتجاز قواطر الوقود المخصصة لكهرباء وادي حضرموت، بحجة وجود مطالب لها”. 

 

جبايات وعمولات مقابل تمرير الناقلات

تحدثت تقارير صحفية عن فرض جبايات وطلب عمولات على ناقلات الوقود في النقاط التابعة للحلف، بالإضافة إلى نشر كشوفات وهمية بكميات أقل من الكميات الفعلية المخصصة لمحطات الكهرباء.

كما تم الكشف عن بيع كميات من الوقود في السوق السوداء، بعضها تم بيعه باسم كهرباء مديريات حضرموت دون علم الجهات الرسمية، في تجاوز صارخ للقانون والمؤسسات المحلية، بحسب ما نقلته منشورات من نشطاء وإعلاميين في حضرموت.

وفي تعليق حاد، أشار الصحفي طارق باسلوم إلى أن قرار إنهاء عمل لجنة الحلف جاء بعد تصاعد فضائح الفساد وتزايد الاتهامات بفرض عمولات وجبايات على ناقلات الوقود. 

وأوضح باسلوم أن هذه القرار جاء كخطوة اضطرارية بعد أن فاحت رائحة الفساد، وتم تحميل اللجنة وحدها المسؤولية رغم الاتهامات بضلوع القيادة في استخدام العائدات لتمويل أنشطة الحلف.

 

مخطط ممنهج لتفكيك النخبة الحضرمية وتحذيرات من انفلات أمني خطير

أطلق الصحفي حسن بن سميدع تحذيرات شديدة اللهجة بشأن ما وصفه بـ”بداية الشتات وتفكيك النسيج الأمني والعسكري في حضرموت”، مشيرًا إلى وجود استهداف مباشر لقوات النخبة الحضرمية عبر تشكيلات جديدة تم رفضها سابقًا من قبل السلطات الرسمية والمجتمع القبلي والمدني في المحافظة.

ودعا بن سميدع في منشور له على وسائل التواصل الاجتماعي،  قائد المنطقة العسكرية الثانية اللواء الركن طالب بارجاش إلى ضرورة التحرك العاجل لوقف ما أسماه بـ”العبث الحاصل”، وعدم التزام الصمت أمام ما يحدث، مؤكدًا أن ما جرى خلال الأيام الماضية مع أبناء قبيلة العصارنة، يُعد مؤشرًا خطيرًا لما قد يتكرر مستقبلاً إذا لم يتم فرض هيبة الدولة والأجهزة الأمنية والعسكرية.

وأكد بن سميدع أن ساحل حضرموت ليس بحاجة إلى تشكيلات مسلحة جديدة، داعيًا إلى الوقوف بحزم إلى جانب قوات النخبة الحضرمية، التي اعتبرها صمام أمان للمحافظة، والتي أثبتت كفاءتها وجاهزيتها في مراحل سابقة، بحسب وصفه.

وأشار الصحفي الحضرمي إلى وجود “خطة ممنهجة تُحاك منذ سنوات” ضد قوات النخبة، موضحًا أن تلك الحملة جاءت نتيجة لنجاح النخبة في بسط الأمن والسيطرة على الأرض في فترات سابقة، محذراً أن ما يحدث حاليًا يمثل بداية فعلية لتفكيك النسيج العسكري والأمني في حضرموت.

 

إقالة لا تكفي.. الشارع يريد محاسبة لا مجاملة

القضية التي بدأت بقرار إنهاء لجنة إشرافية تحولت إلى كرة ثلج تتدحرج، كاشفة حجم الفساد المستشري داخل تشكيلات وقيادات حلف الهضبة، ومدى تورطهم في التلاعب بقوت الناس، والبنية الاقتصادية والخدمية للمحافظة.

ردود الأفعال المتصاعدة تعكس حالة غليان شعبي حقيقي، لم يعد مجرد منشورات، بل يمثل بداية لاحتجاج اجتماعي عميق على تردي الوضع الخدمي، في وقت تتعالى فيه الأصوات المطالبة بتحقيق شفاف ومحاسبة كافة المسؤولين، ووقف العبث بثروات حضرموت وأمنها.

ويبقى السؤال الكبير مطروحًا في الشارع الحضرمي:

من هو المسؤول الحقيقي عن حماية مقدرات حضرموت؟

وهل ستبادر الجهات المعنية بكشف الحقيقة ومحاسبة الفاسدين، أم سيظل المواطن هو الحلقة الأضعف يدفع الثمن وحده؟