تواصل معنا عبر النموذج أدناه:

معادلة الإصلاح بين القرارات والتحديات.. قراءة في انطلاقة بن بريك

بعد أسابيع من توليه رئاسة الحكومة اليمنية، يُسجل لسالم بن بريك حراكٌ مكثف يركز على ملفين شائكين وهما إحياء البنى التحتية المتعثرة، ووضع أسس للإصلاح الاقتصادي.

 تأتي مصفاة عدن  المتوقفة منذ 2015  في قلب هذه الاستراتيجية، حيث أعلن بن بريك خلال زيارته المفاجئة للمنشأة خطة زمنية لإعادة التشغيل تشمل تشغيل وحدتَي الإسفلت خلال أيام لتغطية السوق المحلية بالكامل واستكمال وحدة تكرير الديزل والمازوت اضافة لتحويل المصفاة إلى منطقة حرة متكاملة الخدمات.  

المصفاة التي أسست في خمسينيات القرن الماضي سيشكل تشغيلها عموداً مهماً في سقف الازمة الاقتصادية حيث انه سيخفف من استنزاف العملة الصعبة الذي يكلف في استيراد الوقود كما سيفتح  فرص عمل للألاف الامر الذي  سيعكس بظلاله على مستوى معيشة اسرهم .

وفي اجتماعه مع المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، ربط رئيس الوزراء بين الاستقرار السياسي والانتعاش الاقتصادي، داعياً إلى دعم دولي لمشاريع البنية التحتية، وفق بيان صادر عن مكتبه.

مسار مهني يُترجم إلى أولويات

لا تبدو هذه التركيزات منفصلة عن مسيرة بن بريك المهنية في القطاع النفطي وإدارة المنشآت الصناعية. فخلفيته السابقة  تظهر في توجيهاته بوضع "خطط واقعية قابلة للتنفيذ" للمصفاة، وفي تشديده خلال اجتماعات الحكومة على محاسبة المتسببين في تعطيل المرافق الحيوية وربط إحياء القطاع النفطي بتحسين الكهرباء وتثبيت أسعار الوقود كذلك تبني مقاربة تشاركية مع القطاع الخاص.  


الإصلاح الاقتصادي خطاب حازم.. وتحديات مثقلة

كرر بن بريك في أكثر من مناسبة أن "الإصلاح الاقتصادي غير قابل للمساومة"، لكن هذا الطموح يصطدم بواقع مرير ابرز ذلك تحذيرات منظمات دولية من مجاعة تهدد 17 مليون يمني بالاضافة لتراجع التمويل الإنساني الذي يقابله انهيار  مستمر للعملة المحلية وتضخم يسجل يوميا ارقاماً غير مسبوقة للريال اليمني.

وفي أول اجتماع للحكومة بحضور رئيس مجلس القيادة ، استعرض بن بريك رؤيته وخطة عمله، وقال إن توجيهات رئيس مجلس القيادة ستكون بمثابة خريطة طريق عاجلة تركز على "احتواء التدهور الاقتصادي والخدمي، وتخفيف المعاناة الإنسانية، وترسيخ المركز القانوني للدولة".

 أوساط تجارية في عدن أشادت بقرار إعادة تأهيل المصفاة، يطرح مراقبون تساؤلات عن جدوى هذه المشاريع دون حل أزمة السيولة وتأمين الوقود الخام، خاصة مع استمرار تعثر صادرات النفط.  

أسئلة تنتظر إجابات:
هل تستطيع خطط بن بريك خلق نقلة نوعية في اقتصاد منهك بعد عقد من الحرب؟  وهل هو شمعة الأمل لأبناء البلاد الذين يرجون منه نجاحًا اقتصاديا استناداً على سجل نجاحاته الماضي؟
وإلى أي درجة يمكن لاستعادة منشأة واحدة – مهما كانت رمزيتها – أن تُحدث تأثيراً شاملاً في ظل انهيار معظم المؤسسات؟  
وكيف سيتعامل مع إشكالية تمويل الإصلاحات في بلد يعتمد على المساعدات الخارجية؟  

تبقى الإجابات معلقة على عاملين وفق مختصون، قدرة الحكومة على تعزيز الشفافية لاستقطاب الدعم الدولي، ونجاحها في تحويل القرارات الورقية إلى نتائج ملموسة للسكان الذين أنهكهم الانتظار.