تواصل معنا عبر النموذج أدناه:

رسالة رئيس الوزراء بن بريك الى الحضارم قراءة في المضمون

في كلمة وجّهها الثلاثاء (9 سبتمبر 2025)، على هامش فعالية إطلاق خطة حضرموت للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للفترة 2025–2029م، خاطب رئيس الوزراء سالم صالح بن بريك أبناء حضرموت بدعوة واضحة إلى نبذ الخلافات والالتفاف حول “مشروع جامع يعالج الاختلالات ويضع مصلحة المواطن فوق كل اعتبار”. وهي رسالة صادقة تأخذ على محمل الجدية، حين شدّد على أنّ “التنمية لا تتحقق بالفرقة والانقسام”، وأن الوحدة والتكاتف هما السبيل إلى بناء حضرموت المستقرة والمزدهرة التي تسهم في نهضة البلاد بأسرها. ولم يحتمل الخطاب التفاصيلاً النظرية فحسب، بل ربطها بإطلاق خطة عمل ــ وليست مجرد رؤية على الورق ــ بأهداف واضحة تركّز على البنى التحتية والخدمات الأساسية وقطاعات الزراعة والثروة السمكية والنفط والغاز والمعادن، إلى جانب تمكين المرأة وتشجيع الاستثمارات، برعاية ودعم فني من السعودية والإمارات وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي    .

 

تتخلل الرسالة لمساتُ دهشة تمتدّ إلى عمق المعنى في زمن تقاطع التحديات الاقتصادية والانسانية مع تطلعات الشعب نحو الاستقرار والتنمية، يرى رئيس الوزراء في حضرموت “الجسر الفاعل بين اليمن والإقليم والعالم”، والقادرة أن تكون نموذجًا للتنمية المستدامة، إن تحققت الشراكة الفاعلة بين الحكومة المركزية والسلطة المحلية والقطاع الخاص والدعم الدولي   . ما يلمع في هذا الخطاب هو إذعانه بأن الحل ليس فقط في خطط مكتوبة، بل في تحويلها إلى واقع ملموس — وهذا هو المفتاح: «ليس مجرد خطة على الورق»، بل مسار عملي يمتد لخمس سنوات، يمتزج فيه تفاؤل التنمية بالمسؤولية الوطنية. ويتفتّح هذا التفاؤل بدعوة القطاع الخاص ورجال الأعمال المغتربين إلى العودة والمساهمة في هذا البناء — وكأن بن بريك يقول: “حضرموت تنتظركم لتكونوا جزءًا من هذا العهد الجديد.”

 

خلفية الأحداث الراهنة

 

منذ 25 يوليو 2025، تصاعد التوتر في ساحل حضرموت، إذ أقدم حلف الهضبة (تحت قيادة عمرو بن حبريش) على إيقاف قواطر محمّلة بالديزل والمازوت متجهة إلى منشأة “بترومسيلة”، الأمر الذي هدد بقطع الكهرباء بالكامل عن المكلا ومديريات الساحل  . ثم تكرّر هذا الإجراء حتى أواخر أغسطس، وأثمر حالة “حصار خانق” على مدن الساحل، مع ما رافقها من شلل شبه كامل في تشغيل محطات الكهرباء ومعاناة مواطنين في موجة حرّ خانقة  . ادانت اطراف حزبية اخرى هذه التصرفات في بلاغ رسمي (4 سبتمبر)، مطالبين من النائب العام التدخل وفتح تحقيق بحق المتورطين، مبررًا أن تلك الأفعال “جريمة مكتملة الأركان تمس الأمن والاستقرار” وتعرض حقوق المواطنين للخطر  .

 

في القلب من هذا النزاع، يظهر عمرو بن حبريش كقائد لحلف قبائل حضرموت ومؤتمر حضرموت الجامع، وهو الذي دعا ضمن لقاء قبلي موسّع في 12 أبريل 2025 إلى الحكم الذاتي لحق حضرموت في تقرير مصيرها، مؤكّدًا أن القرار يجب أن يكون بيد أبنائها فقط  .،وبعد اجتماع قبلي في منطقة العيون الذي أعلن اعضاء هيئة رئاسة الحلف خلع بن حبريش من منصبة جرا تصرفاته التي وصفوها بالفردية تحول إلى أحد أقطاب القوة القبلية التي تمارس التأثير في القرار السياسي والأمني، مستغلة شعبيتها وموقعها لتطويع المشهد المحلي. وبينما يعبّر البعض عن هذا التجميع كإرادة متنامية لاستعادة الحقوق وتفعيل مؤتمر حضرموت الجامع، يراه آخرون سبيلاً لفرض النفوذ على السلطة المحلية وتحجيمها.

 

موتمر مشروع حضرموت الجامع: حلم أم رهان؟

 

يثار التساؤل: هل مؤتمر حضرموت الجامع مشروع توحيد حضرمي يحاكي أحلام أبناء المحافظة في جعلها رمزًا للاستقرار والتنمية؟ أم أنه أداة ضاغطة تُستخدم لتطويق السلطة أو الدفع باتجاه مطالب إقليمية؟ لقد كان حلمًا جامعًا يُفترض أن يرمم الهوة ويخلق صميم حضرمي مشترك؛ لكنه اليوم يتحوّل، في أعين البعض، إلى رمز للانقسام. من جهةٍ، فهو يمثّل طموحًا بطعم التمكين والتعافي؛ ومن جهة أخرى، فتوتره وتحوله إلى مطية للمناكفات والسيطرة يجعل منه مصدرًا آخر للانقسام.

 

 

تساؤلات لكل إنسان حضرمي

• هل يمكن لرسالة رئيس الوزراء أن تمسّ جذور الصدع وتعيد الخطاب الوطني إلى أولوياته؟

• هل يستجيب قادة حلف الهضبة للمسار التنموي بدلًا من المناورات الأمنية والقبضة القبلية؟

• هل مؤتمر حضرموت الجامع سيتحول إلى منصة للوحدة والتنمية، أم إلى أداة تناحر جديدة؟

• وهل ستنجح خطة التنمية 2025–2029 في ترجمة الكلمة إلى واقع، وتجاوز دواعي الانقسام إلى نسيج حضرمي موحّد؟