الدعم السعودي يفتح نافذة أمل.. مليار و380 مليون سعودي تمهد لمرحلة جديدة من التعافي الاقتصادي

شهد اليمن دفعة اقتصادية جديدة وصفت بأنها الأضخم منذ بداية الأزمة، حيث حظي بدعم سعودي نوعي بلغ ملياراً وثلاثمائة وثمانين مليوناً ومائتين وخمسين ألف ريال سعودي عبر البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، ويأتي هذا الدعم في وقت تواجه فيه البلاد تحديات اقتصادية معقدة أبرزها تراجع قيمة العملة الوطنية، وارتفاع معدلات التضخم، وتفاقم الأعباء المعيشية على المواطنين، ومن شأن هذه المساهمة أن تمنح الاقتصاد الوطني دفعة قوية نحو الاستقرار المالي والنقدي، بما يفتح المجال أمام تحسين معيشة اليمنيين في مختلف المحافظات.
توجيهات سعودية رفيعة المستوى
بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، واستناداً إلى ما رفعه ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، أعلنت المملكة عن تقديم هذا الدعم استجابةً لمناشدة الرئيس رشاد العليمي، حيث جاء ذلك عبر البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، وفق آلية حوكمة دقيقة تدعم جهود الحكومة اليمنية في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية وضمان الاستفادة القصوى من الدعم.
العليمي: الدعم تجسيد لالتزام المملكة
أشاد فخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، بالدعم السعودي الجديد، مؤكداً أنه يعكس التزام المملكة الثابت بمساندة الشعب اليمني ووقوفها إلى جانب اليمن في أحلك الظروف، موضحاً أن هذه المساهمة النوعية ستمنح الحكومة دفعة قوية لتنفيذ إصلاحاتها الاقتصادية، وتمثل خطوة محورية في مسار استعادة الثقة بين المواطن والدولة، كما أشار إلى أن تخصيص جزء من الدعم لتشغيل مستشفى الأمير محمد بن سلمان في عدن بما يعكس حرص المملكة على تحسين الخدمات الصحية وتخفيف معاناة المواطنين في قطاع حيوي يمس حياتهم اليومية.
رئيس الوزراء: رافعة قوية للإصلاحات
من جانبه عبّر دولة رئيس الوزراء سالم صالح بن بريك عن عميق الامتنان لهذا العطاء الأخوي، واصفاً إياه بأنه رافعة قوية للإصلاحات الحكومية، خصوصاً في ظل المرحلة الدقيقة التي تمر بها البلاد، موكدا أن هذا الدعم النوعي في حجمه وتوقيته سيساعد الحكومة على الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه الموظفين، والحفاظ على ما تحقق من مكاسب في استقرار سعر الصرف وتراجع معدلات التضخم.
وأضاف، أن المملكة عبر هذه المساندة، تجدد موقعها كسند رئيسي لليمن، وأن هذه الخطوة ستفتح المجال أمام استقطاب دعم إضافي من شركاء التنمية الإقليميين والدوليين.
تعليق خبير اقتصادي حول أبعاد الدعم السعودي
عرّج الصحفي الاقتصادي ماجد الداعري في في منشور على صفحتة فيس بوك عن المنحة السعودية الأخيرة على أنها لا تقتصر على كونها دعماً اقتصادياً إضافياً بمليار وثلاثمائة وثمانين مليون ريال سعودي، بل تمثل بالدرجة الأولى دعماً سياسياً لرئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي، موضحاً أن هذه الخطوة تعكس إسناداً مباشراً لصموده في وجه الضغوط المتزايدة والمطالبات بإزاحته من رئاسة المجلس، بعد أكثر من ثلاث سنوات على إنشائه دون أن يحقق أهدافاً وطنية ملموسة، مشيراً إلى أن المنحة جاءت في توقيت حساس لترتيب البيت السياسي الداخلي وحماية رأس السلطة الشرعية من الانقسام والتفكك.
توضيح الرسائل السياسية الموازية
أشار الداعري إلى أن الدعم السعودي يحمل رسالة سياسية أخرى موجهة إلى دولة الإمارات، لاستثارتها نحو تقديم دعم مالي مماثل لحلفائها في مجلس القيادة الرئاسي، خصوصاً المعترضين على ما يرونه تفرداً من العليمي بصلاحيات وقرارات المجلس، لافتاً إلى أن استمرار الخلافات العاصفة بين أعضاء المجلس ووصولها إلى المطالبة بتدوير رئاسة المجلس بين الأعضاء الأكثر قوة وحضوراً عسكرياً وشعبياً، يجعل مستقبل المجلس مهدداً بالمزيد من التعثر، ما لم يتم إجراء تغييرات في هيكله أو تقليص عدد أعضائه لصالح القوى الأكثر تأثيراً على الأرض.
تأثير مباشر على استقرار العملة والأسعار
أن المساهمة الجديدة ستنعكس مباشرة على استقرار سعر صرف الريال اليمني أمام العملات الأجنبية، الأمر الذي سيخفف الضغط على الأسواق ويحد من ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود، كما أن تخصيص جزء من الدعم لتمويل واردات المشتقات النفطية سيضمن تشغيل محطات الكهرباء بشكل أكثر انتظاماً، ما سينعكس بدوره على القطاعات الخدمية والإنتاجية.
حيث أن استقرار العملة لا يقتصر على الجانب المالي فحسب، بل ينعكس على كل تفاصيل حياة المواطن اليومية، من تكاليف النقل وصولاً إلى أسعار الخبز والدواء.
حضرموت على طريق الاستقرار الاقتصادي
تُعد حضرموت من أكثر المحافظات اليمنية ترقباً لنتائج هذا الدعم، لما تمتلكه من موقع استراتيجي وثروات طبيعية تؤهلها لأن تكون قاطرة للاقتصاد الوطني، ومع استقرار العملة وتوفير المشتقات النفطية بشكل منتظم، يتوقع أن تنعم المحافظة بخدمات كهربائية أكثر استقراراً، ما سيخفف من أعباء المواطنين ويمنح القطاعات الاستثمارية والصناعية فرصاً أكبر للنمو، كما أن تحسين الوضع الاقتصادي في حضرموت سينعكس على باقي المحافظات باعتبارها مركزاً تجارياً رئيسياً ومصدراً لموارد الطاقة.
كما خصص جزء من الدعم لتمويل واردات المشتقات النفطية، وهو ما يعني استمرار تشغيل محطات الكهرباء بصورة أكثر انتظاماً، خصوصاً في المدن الكبرى، كما أن استقرار الكهرباء لا ينعكس فقط على راحة المواطنين في منازلهم، بل يمتد أثره إلى تشغيل المستشفيات، المدارس، المصانع، وقطاع المياه، الأمر الذي سيقلل من الانقطاعات المتكررة، ويمنح دفعة للنشاط التجاري والاستثماري.
إصلاحات حكومية في ضوء الدعم الجديد
أكدت الحكومة اليمنية أنها ستعمل على استثمار هذا الدعم بشكل شفاف ومسؤول، بما يعزز من مسار الإصلاحات الاقتصادية والإدارية، مشيرة إلى أن الدعم السعودي لا يمثل مجرد حل إسعافي للأزمة، بل يشكل فرصة حقيقية لإعادة هيكلة الاقتصاد الوطني وتعزيز الشفافية المالية، بما يمهد الطريق أمام استعادة ثقة المؤسسات الدولية الداعمة، كما أنه يساهم في حماية الاقتصاد من الانهيار الكامل، ويفتح المجال أمام استعادة عجلة التنمية تدريجياً.
نحو مستقبل أكثر استقراراً
في ضوء هذا الدعم، يتوقع أن يشهد اليمن تحسناً ملموساً في الجوانب الاقتصادية والمعيشية، بما يمنح المواطنين بارقة أمل حقيقية للخروج من دائرة الأزمات المتراكمة، ومع التزام الحكومة بمواصلة الإصلاحات وتنويع مصادر الدخل وتعزيز الشفافية، فإن هذه الخطوة قد تمثل بداية مرحلة جديدة من التعافي، حيث تصبح استدامة الاستقرار المالي والنقدي هدفاً قابلاً للتحقق، ويمهد الطريق أمام مستقبل أكثر أمناً وازدهاراً لليمنيين.