الإعتراف بالدولة الجنوبية المرتقبة بين التصور القانوني و التعامل الإقليمي و الدولي

يعد موضوع الإعتراف بالدولة، أحد أهم مواضيع القانون الدولي. و تعددت التحاليل عن شرعية الإعتراف بالدول و الكيانات الجديدة، بسبب الحروب و الإنقسامات سواء بين الدول أو داخلها مما يؤدي إلى تفتيتها
تظهر الدولة إلى الوجود من الناحية العمليةبعد اكتمال عناصرها الجغرافية و السياسية (الإقليم و الشعب و النظام السياسي )لكي تصبح هاته العناصر لها أثر قانوني …من الناحية الدولية لا بد من مظاهر قانونية تؤكد العناصر المذكورة أعلاه، أهم هاته العناصر بعد إعلان الدولة هو الإعتراف بها. فقيام الدولة في القانون الدولي الجديد (The New International law)يمر من مرحلتين: الإعلان عن الدولة و الإعتراف بها .
كما يعتبر الفقهاء في القانون العام أن الإعتراف تختلط فيه السياسة بقواعد القانون الدولي، وقد يصعب في بعض الأحيان فض الإشتباك بين عناصره القانونية و عناصره السياسية. و هذا التحليل ينطبق قلبا و قلبا على واقع الجنوب الحالي في خضم مساعي المجلس الإنتقالي الجنوبي الحثيثة لاستعادة الدولة و إعادة بنائها على أسس جديدة
.
وإن كنت أميل إلى اعتبار الإعتراف بالدولة الجديدة عملا قانونيا محضا غير أنه يخضع لعوامل سياسية و جيوسياسية ، و هذا التصور يحيلنا إلى مطلب الشعب الجنوبي (جنوب اليمن أو الجنوب العربي)في استعادة دولته بعد فرض الوحدة من قبل اليمن الشمالي بالقوة العسكرية و ليس بالتراضي .
لذلك نلاحظ أن المجلس الإنتقالي الجنوبي الذي يستمد شرعيته من الغالبية العظمى للرأي العام الجنوبي ..شرع في بناء مؤسسات دستورية و قانونية ،بهدف إرساء القواعد القانونية للدولة المرتقبة بالتراضي مع دول الجوار و في المقام الأول و مع غيرها من الدول
لهذا و ذاك فهو عمل مختلط قانوني و سياسي ، فهو سياسي من جهة لأن الدول تعترف بالكيان الجديد على أساس السلطة السياسية فيهاومدى توافقها مع النمط السياسي في الدولة الجديدة و مدى حمايتها لمصالحها الإستراتيجية و الإقتصادية و الأمنية، و هو قانوني من جهة أخرى لأنه سيرتب تفعيل القانون الدولي و آلياته للإعتراف بأهلية الدولة الجديدة.