إليكم أيها ( الصامدون المساندون ) ..!!
خلال مشوارَي التعليم والعمل .. وحينما شاءت أقدار الله عز وجل أن أكون موظفاً في التربية ـ رغم تخصصي الصحفي ـ توصلت إلى قناعتين أو حقيقتين طالما رسختا في عقلي مع مرور الزمن .. أولهما : أن الصحافة ( مهنة المتاعب ) وهذه من ألفبائيات وأبجديات الصحفي الذي يضع قدمه على أولى درجات صاحبة الجلالة.
أما ثانيها : فإدراكي أن التربية في وطني قد أصبحت أيضاً ( مهنة المتاعب ) .. وقد اجتمعتا معاً .. فهل يتوقع عاقل أن تخمد فيّ روح الصحافة الوقّادة وقد ابتلينا بالمهنتين ومعهما التعبين ..؟!!
كنت في بداية سنوات عملي أستمع وأعاين الكثير من قصص المعلمين ومآسيهم .. فهذا صاحب دَين كبير لا يستطيع سداده، وهذا لا يجد ما يكفيه من راتب آخر الشهر، وآخر لا يذوق طعم الصيد أو الفاكهة البسيطة في غدائه ومأكله،
وآخر يبكي حرقة من مرض لا يستطيع علاجه، وغيره فقير ذو عيال لا يجد ما يسعدهم به من نفقات وأعطيات، وسادس يريد العفاف لكن راتب التعاقد لا يمكّنه من توفير ريالات لقفص السعادة الزوجية .. وغيرها الكثير من القصص والأحداث المؤلمة ..!!
كنت أسمع وأرى سيل المعاناة يومياً .. وروحي تشتعل من داخلها .. وتضطرم في صدري نار الشفقة على وضع مأزوم وصل إليه حال معلمي ومعلماتي الغاليات ..
حينها وقبل أن تتأسس بسنوات "لجنة معلمي حضرموت".. قررتُ الكتابة عن معاناة المعلم وأخذت العهد على نفسي أن أمضي مدافعاً ومنافحاً عنهم ما بقي فيهم الشقاء والعناء والوعثاء التي لا اصطبار علي أن أسكت عنها.
كنت أقول لنفسي : ( الحساب يوم القيامة فرداً فرداً ) .. ولا اعتبار بانتظار الآخرين حتى يصحوا ويعلنوا صرختهم .. لماذا لا أبدأ ـ مع العلم أن الكثيرين غيري ممن لم يكونوا في سلك التعليم كانوا يكتبون ويناصرون ـ وأكون قد أبرأت ذمتي بما معي من موهبة يسيرة وأعمل جاهداً لإعزاز هذه الشريحة العظيمة التي أذلها وامتهن كرامتها الآخرون ..؟!!
أخذت يومئذٍ أكتب المقالات المتواضعة ـ في حدود قدرتي البسيطة ـ مدافعاً عن معلمي المسكين وكيف لا يحيا حياة كريمة كبقية رفقائه في مؤسسات الدولة ومرافقها .. فعلت ذلك وكانت التربية ذات قبضة أشدّ مما هي عليه اليوم .. لكن استشعاري بعظم المسؤولية وفداحة الحال الذي وصل إليه المعلم حجب عني كل خطر ..!!
كتب الله ـ وله الحمد ـ لكثير مما أطرق من أطروحات قبولاً لدى العديد من المعلمين والمجتمع، فواصلت طريقي إلى جاءت "لجنة معلمي حضرموت" التي كانت بمثابة نقلة نوعية في مشواري الصحفي ..!!
فتحوا لي أذرعهم الحانية وأصروا عليّ ـ رغم شخصيتي الانطوائية ـ أن أكون في لجان الإعلام لديهم .. وعلى استحياء وافقت على مضض وتعرفت عى رجال أقل ما يقال عنهم أنهم "عظماء" باحتوائهم للآخرين وتشجعيهم للمواهب وإمدادهم بالخبرات وحملهم لهموم الآخرين .. تماماً كالذين كنت آمل أن أجدهم في مقتبل حياتي ..!!
وبعد هذه السنوات وصلت إلى حال يريد فيه الآخرون إسكات صوتي والنيل من قلمي الذي أوقفت ما بقي فيه من حبر على الدفاع عن حقوق آبائي وأمهاتي وزملائي المعلمين والمعلمات في ربوع حضرموتنا الحبيبة وبقية أرضنا المعطاءة ..!!
وقبل حتى أن أرى دهاليز النيابات والمحاكم لم يتركوني وحيداً .. لقد وقف معي الجميع وأولهم لجنتنا الموقرة وكل المعلمين والمعلمات وكافة شريحة المنتسبين إلى حقل التربية والتعليم وبقية المجتمع بمكوناته المدنية والإعلامية ..
بادلوني الوفاء بالوفاء .. وكم سالت دمعاتي وأنا أرى اسمى وصورتي على قصاصات الورق المقوى وحالات مواقع التواصل الاجتماعي ومنشوراتها وقصص ( الإستوري ) يعلن فيها الجميع التضامن معي ..!!
حقاً لقد أخجلتموني .. فأنا لا أستحق كل هذا الدعم الذي غمرتموني فيه .. شكراً لكم وأحبكم من أعماق قلبي .. وبودّي لو أعبّر لكم عن هذا الحب العميق ولو بتقديم روحي رخيصة من أجل سعادتكم .. يا ليتني أفعل ذلك من أجلكم أيها ( الصامدون المساندون ).