تواصل معنا عبر النموذج أدناه:

العمل الاستراتيجي والتنمية المستدامة

كثيراً مايتردد على مسامعنا اهتمام الحكومة والسلطات المحلية بالتنمية ووضع الخطط والاستراتيجيات لتحقيق مستوى معيشي أفضل للناس، ولكن وبالنظر للواقع وتحليله تحليلاً علمياً دقيقاً نرى ونلاحظ القصور والخلل بصورة جلية وواضحة في واحد من أهم مدخلات التنمية والبناء والإعمار والتطور والاستدامة ويكاد يكون هو الحلقة الأضعف التي لم يتعاطى معها صناع القرار في بلادنا وهو العمل الاستراتيجي المنهجي القائم على الأسس العلمية وحوكمة الأعمال. 
وللحديث عن هذا الأمر يتطلب من الجميع الإرادة الصادقة والتعاون والرغبة الحقيقية في التغيير لتأسيس لبنات وقواعد صلبة للتنمية المستدامة التي يجب أن تنتقل بالمجتمع  من الضعف والحاجة والاتكالية والكسل والتذمر إلى المجتمع المنتج القوي المعطاء القادر على حل مشاكله وإيجاد الحلول المبتكرة ليعيش حياة أفضل ويقدم نموذج تنموي ينقله لمصاف الدول المتقدمة. 
لذلك نرى بأن إعطاء الأولوية للعمل الاستراتيجي أصبح حاجة لابد منها وليس ترف أو تنظير مثل مايراه بعضهم، فمن خلال العمل الاستراتيجي نستطيع أن نحدد رؤيتنا التنموية وماهي أولوياتنا للمرحلة الراهنة والمستقبلية وتشخيص الواقع بكل مسؤولية، وهذا يتم من خلال قادة استراتيجيون ورواد التغيير والابتكار والعمل الريادي وهم الذين يحملوا الرؤى الواضحة نحو المستقبل، فهم القادرون على التفكير بعمق وحكمة ونظرة ثاقبة وعندهم القدرة على توليد الأفكار الخلاقة لتنمية وتطوير مجتمعاتهم، ويتمتعوا بقدر عالٍ من تحمل المسؤوليات والاعتراف بالمشاكل والأخطاء والعمل على إيجاد الحلول المبتكرة والإبداعية لها. 
هؤلاء القادة الاستراتيجيون هم من يرجى منهم الدفع بالمؤسسات والهيئات نحو تعزيز أهمية العمل المؤسسي الذي أساسه التخطيط والتنظيم والمتابعة والعمل المنظم وصياغة الاستراتيجيات والخطط الفاعلة وتحديد الأهداف الواضحة لمؤسساتهم بدلاً من العشوائية والفوضى والتخبط، عليهم أن يدفعوا بالقادة التنفيذيين من تحتهم نحو تطوير وتنمية ايرادات مؤسساتهم وبالذات الإنتاجية منها وفق النظام والقانون وبآليات عمل مبتكرة ومنهجيات إدارية حديثة. 
القادة الاستراتيجيون لا يقتصر دورهم على وضع الخطط وإنما يمتد إلى متابعة التنفيذ على الواقع من خلال توجيه فرق العمل على عكس الأهداف إلى مشاريع مزمنة ومتابعة مدى التقدم ومستوى الانحراف الحاصل في الخطة واستخدام أدوات التحليل الحديثة في استراتيجيات الأعمال وقياس مؤشرات الأداء والاستعانة بالتقنيات الحديثة والتكنولوجيا التي أصبحت أمر يجب التعاطي معه واستغلاله بالشكل الأمثل. 
وبالعمل الاستراتيجي، على القادة الاستراتيجيين أن لا يغفلوا أيضاً دورهم المحوري في التأثير والإلهام والمساعدة والسعي لبناء جيل جديد من القادة الشباب وتمكينهم من ممارسة أدوار قيادية في مستويات أعلى لتشكيل لوحة نجاح إبداعية تستند على الكفاءات والقوى البشرية المؤهلة وتعزيز مفهوم العمل الجماعي وتعميق ثقافة المكاسب المشتركة بعيداً عن الذات والأنا والصراعات الشخصية التي بكل تأكيد لن تبني وطناً ولن تساهم في تحقيق أي تقدم ملموس في التنمية التي ينشدها المواطن.