تواصل معنا عبر النموذج أدناه:

من الثوابت الدينية إلى التحديات الدولية.. رحلة تفصيلية لنكث الحوثيين للعهود والاتفاقيات

تعد الحركة الحوثية وليدة الصراع المسلح مع الحكومة المركزية في اليمن، حيث يعود أصلها العقائدي إلى المذهب الزيدي، فرع من الإسلام الشيعي، الأقرب من الناحية الفقهية إلى الإسلام السني، بدأت كحركة دينية وثقافية في محافظة صعدة، ولكن مع مرور الزمن، تحولت تدريجيًا إلى جزء لا يتجزأ من النزاعات المعقدة في اليمن.

 

ركزت البداية السياسية لزعيم الجماعة حسين بدر الدين الحوثي، ابن رجل دين زيدي بارز، على اندماجه في حزب صغير يُعرف بـ "الحق"، حيث تمكن هذا الحزب من الفوز بمقعدين في برلمان اليمن خلال انتخابات عام 1993، شغل حسين أحد هذين المقعدين في الفترة الممتدة من عام 1993 حتى عام 1997، وهو ما رسخ بدايات مسيرته السياسية.

 

في أعقاب أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 وتداعيات غزو العراق والتحولات الإقليمية، اتبع حسين الحوثي نهجًا فكريًا جديدًا، اجتمع في تفكيره بين "إحياء العقيدة" و"معاداة الإمبريالية"، مستلهمًا من الأفكار العامة للثورة الإسلامية في إيران.

 

عام 2004، تحولت الحركة الحوثية إلى تنظيم مسلح خلال مواجهات مع القوات الحكومية، حيث قُتل زعيمها حسين الحوثي، ليتولى شقيقه الأصغر عبد الملك القيادة. 

تغيرت أسماء الحركة عدة مرات حتى استقرت في النهاية على اسم "أنصار الله". يعود تأسيسها إلى محافظة صعدة، حيث كانت هذه المنطقة مهمشة ومهملة على مر التاريخ، مما دفع أبناء المنطقة إلى الاعتماد على ذاتهم في إدارة المنطقة وبناء بنية تحتية بمواردهم الذاتية.

 

ترى الباحثة البريطانية في الشأن اليمني شيلا وير في تصريح لها عبر منصات إعلامية أن هناك سببا آخر لبروز الظاهرة الحوثية في اليمن، وله علاقة مباشرة بانتشار الجماعات السلفية والوهابية وتزايد نفوذها في اليمن ووصولها حتى إلى معاقل الحوثيين، مما شكل تهديدا للنسيج الاجتماعي والديني الراسخ في المنطقة.

 

وتقول وير "حتى ثمانينيات القرن الماضي كانت جبال صعدة زيدية خالصة وتسيطر عليها طبقة من "السادة" تبلغ نسبتها 5 في المئة من السكان.

 

زحف الحوثي الدامي نحو السيطرة على كرسي الحكم 

خاضت حركة الحوثيين صراعًا مسلحًا مع حكومة علي عبد الله صالح، حيث خلفت الحروب الست الدائرة بين عامي 2004 و2010 تداعيات خطيرة في مناطق انتشار الحوثيين في الشمال، حيث تركت ندوبًا عميقة، قامت السعودية بمواجهة الحوثيين في عام 2010، دعمًا للقوات الحكومية اليمنية..

تظل الأضرار الفعلية للحرب خلال الفترة بين عامي 2009 و2010 غير معروفة بسبب التعتيم الإعلامي.

شارك الحوثيون بكثافة في المظاهرات المناهضة لحكم صالح خلال عام 2011، ولعبوا دورًا أساسيًا في جلسات الحوار الوطني.

 

في عام 2012، كان سقوط حكم علي عبد الله صالح فرصة ثمينة لتعزيز موقع ونفوذ الحوثيين في اليمن، خاصةً بعد تحول بعض مناصري صالح السابقين إلى داعمين عسكريين للحوثيين.  

 

عام 2014، شهدت اليمن تقدمًا مهمًا لحركة الحوثيين حيث زحفوا نحو العاصمة صنعاء واحتلوها بعد هزيمة لقوات الجنرال علي محسن الأحمر وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح، حينها قاموا بفرض سيطرتهم على مؤسسات الدولة والدوائر الحكومية.

 

تحالف الحوثيون مع عدوهم على عبد الله صالح - في مسعى لبسط سيطرتهم على جميع أنحاء اليمن.

 

في بداية عام 2015، حاصروا القصر الجمهوري في صنعاء وفرضوا الإقامة الجبرية على الرئيس عبد ربه منصور هادي وأعضاء الحكومة، بعد شهر من الحصار، نجح هادي في الهروب ووصوله إلى جنوب اليمن، حيث انتقل لاحقًا إلى المملكة العربية السعودية.

 

في ذات العام وبالتحديد منتصف شهر مارس دخلت جماعة الحوثي محافظة عدن في جنوب اليمن، مما أدى إلى حدوث صراعات عنيفة وتصاعد التوترات في المنطقة، وقد شهدت هذه الأحداث تأثيرات كبيرة على سكان عدن وتسببت في خسائر فادحة.

 

تكبد أبناء عدن خسائر كبيرة جراء الاشتباكات، حيث أودت الأحداث بحياة عدد كبير من المدنيين وتسببت في دمار هائل للبنية التحتية، تمكنت دول التحالف العربي، بقيادة السعودية، من تقديم الدعم للسكان المحليين في عدن، حيث قامت بدعم القوات المحلية في مواجهة التمدد الحوثي المدعوم إيرانيا، وبفضل الدعم نجحت قوات المقاومة المحلية والتحالف في طرد الحوثيين من العاصمة الموقتة عدن في اول أيام عيد الفطر المبارك من العام 2015، بعد أربعة أشهر من الحرب في المدينة الساحلية التي شُرد منها قرابة المليون وسقط أكثر من 3500 مقاوم من مختلف المحافظات توافدوا للدفاع عن عدن.

 

في شهر ديسمبر 2017انهار تحالف الحوثيين وصالح، الذي قتل على يد الحوثيين وهو يحاول الفرار من صنعاء.

 

مسارات منقوضة وانتهاكات للاتفاقيات الداخلية والدولية

وثقت مصادر إعلامية أكثر من مئة انتهاك للاتفاقيات الداخلية التي جرت بينها وبين القبائل والجماعات من جهة وبين الحكومة المركزية ووزارة الدفاع اليمنية من جهة أخرى وصولا لخرق الهدنات الدولية نسرد لكم أبرزها.

 

في ثاني اتفاقية تجمع الحوثي والحكومة وقعت الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي في الدوحة، في 1 فبراير 2008، على وثيقة تضمنت إجراءات لتنفيذ اتفاق المصالحة الذي تم التوصل إليه بين الجانبين بهدف وقف إطلاق النار في 16 يونيو 2007، بعد انتهاء الجولة الرابعة من الحروب الست، لكن للأسف، لم يصمد اتفاق الدوحة طويلاً، حيث اندلعت الحرب الخامسة في مارس/آذار 2008.

 

في يوم 21 سبتمبر 2014 ليلة غزوهم صنعاء وقع الحوثيون مع رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي والقوى السياسية الأخرى ما سمي بـ"اتفاق السلم والشراكة" برعاية الأمم المتحدة عبر ممثلها جمال بن عمر، لكنهم سرعان ما نقضوا ذلك الاتفاق وقاموا بغزو بقية المحافظات اليمنية وانقلبوا على الرئيس هادي وحاصروه داخل منزله من 25 يناير 2015 وحتى فراره إلى عدن بتاريخ 20 فبراير 2015.

 

في مايو 2015، قامت جماعة الحوثي بنكث هدنة أعلنها التحالف الدولي لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى اليمن، مما أسفر عن تفاقم الأوضاع الإنسانية في ظل النزاع المستمر.

 

في ديسمبر 2015، خرقت الحوثيون وقف إطلاق النار خلال المشاورات السياسية التي جرت في بيبل، مما عرقل الجهود الدولية لتحقيق حلا سلميًا للأزمة.

 

في أبريل 2016، قاموا بتجاوز هدنة المشاورات التي جرت في الكويت.

انطلقت مشاورات السويد بين الحكومة اليمنية والحوثيين في 6 ديسمبر 2018، في استوكهولم، حيث امتدت على مدى أسبوع، وعلى الرغم من قصر المدة، تم التوصل إلى اتفاق مهم يعرف بـ "اتفاق استوكهولم". تضمن الاتفاق ثلاثة ملفات رئيسية: إعادة الانتشار في ميناء الحديدة، وتبادل الأسرى، وفك الحصار عن مدينة تعز. ورغم التوقيع على الاتفاق، لم تقم المليشيا بتنفيذ أي جزء من التزاماتها.

 

وفي 2020، قاموا بتجاوز الهدنة التي أعلنها التحالف العربي بقيادة السعودية للحد من انتشار فيروس كورونا، مضعين الأوضاع الإنسانية في اليمن في مأزق إضافي.

 

وفي ديسمبر 2021، عادوا لخرق وقف إطلاق النار، مما أدى إلى تصاعد التوترات وعرقلة الفرص لإحلال السلام في اليمن.

 

في مارس 2021، خرقت جماعة الحوثي مبادرة سعودية لوقف إطلاق النار، مما ألحق ضررا بالمساعي الدولية لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.

 

في ملف تسرب صافر النفطي، قامت مليشيا الحوثي بالانقلاب على أربعة اتفاقات سابقة بعد جولات متكررة من المفاوضات مع الأمم المتحدة. وفي هذه الاتفاقات، التزمت المليشيا بالسماح لفريق فني أممي بتقييم وصيانة ناقلة النفط صافر، ورغم التزام المجتمع الدولي ومحاولاته المتكررة، فشلت جميع المساعي نتيجة استمرار المليشيات في المماطلة والمراوغة، حيث استخدموا الملف كوسيلة للمساومة والابتزاز، دون أن يكترثوا لتحذيرات من وقوع كارثة بيئية واقتصادية وإنسانية وشيكة.